للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا الحرب أبدت ناجذيها وشمرت ... وولي هدان القوم أقبل معلما

فذلك أن يهلك فحسنى ثناؤه ... وإن عاش لم يقعد ضعيفا مذمما١

فالمشار إليه "بذلك" هو "صعلوك" ثم عدد له خصالا فاضلة من المضاء على الأحداث مقدما، وتيمم كبرى المكرمات، والتأهب للحرب بأدواتها, إلى غير ذلك مما ذكره بعد، ثم عقب ذلك بقوله: فذلك أن يهلك إلخ فكان في ذلك تنبيه على أن المشار إليه جدير من أجل هذه الخصال بما ذكر بعد اسم الإشارة.

ووجه التنبيه على ما ذكر أن اسم الإشارة موضوع للدلالة على المشار إليه، والمشار إليهم في الآية هم الذوات، مع ملاحظة الأوصاف السابقة؛ لأن كمال التمييز الدال عليه اسم الإشارة إنما يكون بمراعاة هذه الأوصاف، وتعليق الحكم على موصوف يؤذن بعلية الوصف أي: إن الأوصاف السابقة هي العلة في الاستحقاق, أما الضمير فإنه لا يفيد مراعاة هذه الأوصاف في العلية, وإن كانت موجودة؛ لأنه موضوع للذات المجردة لهذا كان المقام للإشارة، لا للضمير.

تنبيه:

ينبغي أن يعلم أنه ليس بشرط في هذه النكتة أن تتعدد أوصاف المشار إليه، ولا أن تأتي عقيبه, كما لا يشترط أن يكون ما هو جدير به من الجزاء واردا بعد اسم الإشارة، بل يصح أن يكون المشار إليه موصوفا بوصف واحد، وأن يكون سابقا عليه, كما يجوز أن يكون ما هو خليق به من الجزاء سابقا على اسم الإشارة، فيقال مثلا: "جاءني الكامل محمد ويستحق الإكرام هذا" فالوصف واحد لا تعدد فيه وهو لفظ "الكامل"، وقد تقدم على موصوفه الذي هو "محمد", وما هو جدير به من استحقاق الإكرام ذكر قبل اسم الإشارة, فدل ذلك على أن ما ذكر من هذه الأمور


١ صعاليك العرب فقراؤهم ومتلصصوهم، ويساور همه يواثبه، والهم العزيمة، وأعرضت ظهرت. والعوالي الرماح والهدان الأحمق والمعلم بفتح اللام المخففة الموسوم بسيما الحرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>