للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- الإشارة بها إلى الحقيقة وهي التي يكون مدخولها موضوعا

للحقيقة والماهية وهي باعتباره أقسام ثلاثة أيضا: لام الحقيقة١ ولام العهد الذهني ولام الاستغراق, والأخيرة قسمان على ما سيأتي بعد.

فالأولى: ما يكون مدخولها مرادا به الحقيقة نفسها, أي: الماهية من حيث هي بغض النظر عما ينطوي تحتها من أفراد كما في قولهم: "الرجل خير من المرأة"، وقولهم: الحرير يفضل القطن، وقولهم: الدينار خير من الدرهم، وما أشبه ذلك مما يكون المقصود فيه الحكم على الحقيقة نفسها بمعنى أن حقيقة الرجل خير من حقيقة المرأة، وحقيقة الحرير تفضل حقيقة القطن. وحقيقة الدينار خير من حقيقة الدرهم. وهذا لا ينافي أن بعض أفراد حقيقة المرأة يفضل بعض أفراد حقيقة الرج كالسيدة عائشة أم المؤمنين، وأن بعض أفراد حقيقة القطن يفضل بعض أفراد حقيقة الحرير كأن يكون الحرير من النوع الرديء, وأن بعض أفراد حقيقة الدرهم أفضل من بعض أفراد حقيقة الدينار كأن يكون في معدن أحد الدنانير غش, وهكذا ... فالمنظور إليه في المفاضلة إنما هو الحقيقة لا الفرد, وليس من شك أن حقيقة الرجل إذا قطعنا النظر عن الأفراد تفضل المرأة، وحقيقة الحرير تفضل حقيقة القطن، وحقيقة الدينار تفضل حقيقة الدرهم, ومن ذلك قولهم: "أهلك الناس الدرهم والدينار" فأل فيهما للإشارة إلى حقيقتي الدرهم والدينار؛ لأن الحكم المذكور إنما هو على جنس هذين النقدين، لا على نقد بعينه كما هو ظاهر, ومنه قول أبي العلاء:

والخل كالماء يبدي لي ضمائره ... مع الصفاء ويخفيها مع الكدر

أي: حقيقة الخل تشبه حقيقة الماء فيما ذكر. وعليه من غير هذا الباب قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} ، يريد حقيقة الماء.

والثانية: ما يكون مدخولها مرادا به فرد مبهم من أفراد الحقيقة


١ وتسمى أيضا لام الجنس ولا الطبيعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>