للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمي هذا النوع: "تشبيه التسوية"، لأنه سوى فيه بين شيئين في إلحاقهما بشيء واحد- كما تراه واضحا في البيتين.

وتشبيه الجمع: هو أن يتعدد المشبه به، دون المشبه، عكس تشبيه التسوية كما تراه في قول البحتري، من قصيدة له يمدح بها عيسى بن إبراهيم:

بات نديما لي حتى الصباح ... أغيد مجدول مكان الوشاح

كأنما يبسم عن لؤلؤ ... منضد أو برد، أو أقاح١

شبه البحتري في البيت الثاني ثغر محبوبته بثلاثة أشياء -اللؤلؤ- والبرد، والأقاحي- فالمشبه شيء واحد، وهو "الثغر" المفهوم من قوله: "يبسم" والمشبه به متعدد -كما ترى- "وأو" هنا بمعنى "الواو" أو هي على أصلها لقصد التنويع، ولما لم يعين واحد بخصوصه كان كأنه مشبه بالثلاثة -والتشبيه هنا ضمني، يدل عليه لفظ "كأن"، وكأنه يقول: كأنما يبسم عن ثغر كالؤلؤ، أو برد، أو أقاح- ومثله قول الشاعر:

ذات حسن لو استزادت ... من الحسن لما أصابت مزيدا

فهي الشمس بهجة والقضيب اللدن قدا والرئم طرفا وجيدا٢.


١ "النديم" في الأصل مؤنسك حال الشراب، والأغيد الناعم البدن مؤنثه غيداء، ويقال: غادة، "والمجدول" المدخل بعضه في بعض يريد: أن ضامر الخاصرتين والبطن، و"والوشاح" جلد عريض مرصع بالجواهر يشد في الوسط بقصد التزين، ويبسم" من باب "ضرب"، وقد ضمن معنى "يكشف" فعده "بعن"، و"المنضد" المنظم"، والبرد" بفتح الراء حب الغمام، "الأقاحي" بفتح الهمزة جمع "أقحوان" بضم فسكون فضم، وهو زهر زكى الرائحة كالورد وأوراقه أشبه بالأسنان.
٢ "القضيب" الغصن، و"اللدن" الطري الغض، و"القد" القامة، و"الرئم الغزال "والطرف" العين. "والجيد" العنق.

<<  <  ج: ص:  >  >>