للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والواحد العقلي ذو الطرفين الحسيين، "كالهداية" في قول النبي صلى الله عليه وسلم "أصحابي كالنجوم: بأيهم اقتديتم اهتديتم" و"كالإقدام" في تشبيه الرجل كالأسد، فالطرفان في المثالين حسيان.

والواحد العقلي ذو الطرفين المختلفين حسا وعقلا "كالهداية" في تشبيه العلم بالنور، فالمشبه عقلي، والمشبه به حسي -وكاستطابة النفس" في تشبيه العطر بالخلق الكريم، فالمشبه حسي يدرك بحاسة الشم، والمشبه به عقلي- والوجه في جميع ما ذكر عقلي- كما ترى.

والمركب العقلي كما في قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} شبه حال اليهود المتنزعة من حملهم التوراة، بمعنى تكليفهم العمل بها، وكون المحمول مستودع العلم النافع لهم، وعدم حملهم لها، بمعنىعدم العمل بموجبها، والانتفاع بما فيها، مع تحملهم ما طلب إليهم، مما يثقل عليهم، ويشق على نفوسهم -شبه هذه الحال: بحال الحمار المتنزعة من حمله أوعية العلوم، ويشق على نفوسهم -شبه هذه الحال: بحال الحمار المتنزعة من حمله أوعية العلوم، وعدم انتفاعه بما يحمل، مع معاناته مشاق الحمل- ووجه الشبه بين الحالين "صورة الحرمان من الانتفاع بأبلغ نافع، مع معاناة الكد في استصحابه"- وهذه الهيئة عقلية، انتزعت من عدة أمور عقلية كذلك- غير أن الحمل في جانب "الحمار" حسي لأن المراد به: الحمل علىالظهر -بخلافه- في جانب "اليهود" فغن المراد به التكليف والطلب وكون بعض الأمور المتنزع منها حسيا لا يؤثر في عقلية الوجه- ومنه قول الشاعر:

والمستجير بعمرو عند كربته ... كالمستجير من الرمضاء بالنار١

شبه حال من أصابته شدة، فالتجأ إلى عمرو، طمعا في الاحتماء به، فإذا عمرو أشد خطرا مما وقع فيه -شبه هذه الحال بحال من لدغته الرمضاء، ففزع


١ "الرمضاء" الأرض ذات الحرارة الشديدة من الرمض بالتحريك وهو شدة وقع أشعة الشمس على الرمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>