للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشأن في الوجه المفرد -أما الوجه المتعدد ففيه الأنواع الثلاثة كما عرفت.

اتلثاني: مما تقدم من الأمثلة تعلم: أن الوجه متى كان حسيا- مفردا كان أو مركبا، أو متعددا، أو كان بعضه حسيا كما في المتعدد- وجب أن يكون الطرفان حسيين أيضا- وذلك لسببين:

أحدهما: أنه لابد من قيام وجه الشبه بالطرفين تحقيقا لمعنى التشارك بينهما والحسي لا يقوم بغير حسي: "فالبياضط مثلا مما يدرك بحاسة البصر فلو جعل مشتركا بين شيئين وجب أن يكونا من المبصريات، حتى يتأتى قيام البياض بهما- كذلك "الملاسة" مما يدرك بحاسة اللمس، فلو جعلت موضع اشتراك بين شيئين. وجب أن يكون من الملموسات، حتى يتأتى قيام الملاسة بهما -وهكذا يقال في سائر المحسات.

ثانيهما: أنه لابد من إدراك الوجه في الطرفين ليتحقق لنا التشارك فيه، والحواس لا تدرك غير المحسات- فحاسة البصر لا تدرك إلا ما كان مبصرا، وحاسة اللمس لا تدرك إلا ما كان ملموسا ... فحاسة البصر لا تدرك إلا ما كان مبصرا، وحاسة اللمس لا تدرك إلا ما كان ملموسا ... وهكذا، ومحال أن تدرك هذه الحواس شيئا من المعقولات، فلا تبصر العين معنى "الكرم"، ولا تلمس اليد معنى الشجاعة، ولا تشم الأنف معنى الحلم، وما إلى ذلك من الأمور العقلية.

كذلك الحال إذا كان بعض الوجه حسيا، وبعضه عقليا كما في الوجه المتعدد -فلابد من قيام كل واحد من ذلك المتعدد بالطرفين، وإدراكه فيهما -كما قلنا- ليتحقق معنى التشارك، ويمتنع بداهة قيام الحسي بالعقلي، أو إدراكه فيه- كما بينا.

أما الوجه العقلي، فيصح على ما تقدم- أن يكون طرفاه عقليين، أو حسيين أومختلفين- فالعقليان كأن تشبه وجود الجاهل بعدمه في الخلو من الفائدة- والحسيان كأن تشبه قوي البأس بالجبل في الثبات- والمختلفان كأن تشبه السيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>