للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني كما في قول أبي بكر الخالدي:

يا شبيه البدر حسنا ... وضياء ومنالا

وشبيه الغصن لينا ... وقواما واعتدالا

أنت مثل الورد لونا ... ونسيما وملالا

فكل هذه المثل من التشبيه المفصل للتصريح فيها بالوجه على نحو ما رأيت: من كونه مجرورا بفي، أو منصوبا على التمييز.

ومن قبيل: التشبيه المفصل ما ذكر فيه ما يستتبع الوجه ويستلزمه كقولهم في تشبيه الكلام السهل، الخفيف على السمع: ألفاظه كالعسل في الحلاوة، أو كالماء في السلاسة، أو كالنسيم في الرقة، فوجه الشبه في الحقيقة لازم الحلاوة، وهو "ميل الطبع، ولازم السلاسة والرقة، وهو "إفادة النفس نشاطا وروحا"- ذلك لأنه المعنى المشترك بين الطرفين- وكقولهم في تشبيه الحجة الواضحة: حجة كالشمس في الإشراق، أو كالصبح في الإسفار، فوجه الشبه في الواقع لازم الإشراق أو الأسفار، وهو "إزالة الحجاب" لأنه المعنى المشترك.

على أنه يجوز أن كيون ما ذكرنا من قبيل ما ذكر فيه الوجه بذاته، لا بما يستلزمه -غاية الأمر أنه متحقق في أحد الطرفين، متخيل في الآخر "فالحلاوة" مثلا هي وجه الشبه بين الكلم العذب والعسل. إلا أنها متحققة في العسل، متخيلة في الألفاظ ... وهكذا يقال في باقي الأمثلة- وقد سبق تقسيم التشبيه باعتبار الوجه إلى تحقيقي وتخييلي، وهذا الرأي عندي أوجه، تقليلا للأقسام بالقدر المستطاع.

والمجمل: ما لم يصرح فيه بوجه الشبه على صورته السابقة- وهو- باعتبار ذلك قسمان:

الأول: ما يكون وجهه ظاهرا، يستوي في إدراكه العامة، والخاصة كما في قولك: شعر عند كالفحم، وقدها كالغصن، ووجهها كالبدر. فأوجه الشبه

<<  <  ج: ص:  >  >>