للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"التناسب الكلي" إذ يفهم من عدم دراية الطرفين: معنى التناسب الخالي عن التفاوت ومثله قول النابغة:

فإنك شمس والملوك كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهن كوكب

فإن وجه الشبه بين الطرفين: هيئة الشيء العظيم، يتلاشى أمامه الشيء الحقيرن وقوله: "إذا طلعت لم يبد منهن كوكب"، وصف خاص بالمشبه به، مشعر بالمعنى المذكور ومثله كذلك قول زياد الأعجم:

فإنا وما تلقى لنا أن هجوتنا١ ... كالبحر مهما تلق في البحر يغرق

يشبه زياد حال قومه، إذ يرميهم المخاطب بالنقيصة، فلا يضرهم ذلك، ولا يظهر فيهم أثر نقص لخطورة شأنهم- يشبه حالهم هذه: بحال البحر العظيم، لا يتأثر بما يلقى فيه من أقذاء ووجه الشبه: هيئة الأمر الخطير، لا ينال منه الحقير، وقوله: "مهما تلقى في البحر يغرق" وصف للمشبه به مشعر بهذا الوجه.

وقد يكون الوصف المشعر بالوجه خاصا بالمشبه، كما في قوله صلى الله عليه وسلم "أصحابي كالنجوم، بأيهم أقتديتم أهتديتم"، فوجه الشبه في الحديث: "الهداية"، وقد أشعر به قوله: "بأيهم أقتديتم أهتديتم" وهو وصف خاص بالمشبه.

وقد يوصف كل من الطرفين بوصف مشعر بالوجه كما في قول أبي تمام:

صدفت عنه ولم تصدف مواهبه ... عني وعاوده فلم يخب


١ "أن هجرتنا" بفتح همزة "أن" على تقدير بأن هجوتنا أي بسبب هجائك لنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>