للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجه الشبه بين الطرفين هو الهيئة الحاصلة من وجود نقطة مستديرة سوداء، في وسط رقعة مبسوطة حمراء، وفيه من كثرة التفصيل والاعتبارات ما لا يقع في نفس مريد التشبيه إلا بعد روية ونظر -وكغير ذلك مما تقدم في تشبيه هيئة بأخرى، مما لا يقوم بنفس المتكلم إلا بعد أن يتأمل ويتعمل.

ب- أن يندر حضور صورة المشبه به في الذهن عند استحضار صورة المشبه لبعد التناسب بين الصورتين كما في تشبيه القمر بالعرجون في قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ ١ الْقَدِيمِ} فصورة العرجون في ذتها غير نادرة الحضور في الذهن- ولكنها تندر عند استحضار صورة القمر للبون الشاسع بين الصورتين- فإن القمر مسكنه في السماءن والعرجون في الأرض، والقمر مثال العلو والهداية، والعرجون شيء تافه لا يؤبه له، والقمر من قبيل الكواكب، والعرجون من فصيلة النبات، فشتان ما بين الصورتين، وناء ما بين الطرفين.

من ذلك تشبيه صورة أزهار البنفسج، وهي على سيقانها، بصورة النار في أطراف الكبريت أول شبوبها في قول الشاعر:

ولا زوردية تزهو بزرقتها ... بين الرياض على حمر اليواقيت

كأنها فوق قامات ضعفن بها ... أوائل النار في أطراف كبريت٢


١ هو سباطة البلح إذا يبست انحنت وتقوست أشبه شيء بتقوس الهلال.
٢ "اللازوردية" بكسر الزاي وفتح الواو وسكون الراء وصف لأزهار النبفسج وهي نسبة إلى الحجر المسمى باللازورد لكونها على لونه فهي نسبة تشبيهية. "وتزهر" من الزهو وهو الكبر، وفي نسبة الكبر إلى البنفسج تجوز "وحمر اليواقيت" من إضافة الصفة للموصوف أي اليواقيت الحمر "وفوق قامات" حال من اسم كأن، "وضعفن بها" انحنين بها لأن ساق البنفسج إذا طالت انحنت لدقتها فكأنها ضعفت عن حمل هذا الزهر، وأوائل النار أي بدء اشتعالها، وإنما قيدت بذلك لأن النار في هذه الحال يضرب لونها إلى الزرقة الشبيهة بلون البنفسج.

<<  <  ج: ص:  >  >>