مائها شيئًا، بل عادت والمزادتان أشد ملاءة، وزادوها الطعام الذي جمعوه لها في ثوب ما بين عجوة ودقيقة وسويقة، وكان في هذا معجزة ظاهرة من أعلام النبوة، ومع ذاك حفظوا معروفها، وتركوا الإغارة على صرمها حتى أسلم الصرم بأسره.
[٢ - أمر أم سليم -رضي الله عنها- ابنها أن يقول لا إله إلا الله]
أسلمت أم سليم الأنصارية -رضي الله عنها- فلم يرض بذلك زوجها مالك بن النضر، وأبدى عدم ارتياحه لذلك، فلم تبال -رضي الله عنها- بانطباعاته، بل بدأت تلقن ابنهما الشهادتين.
روى ابن سعد (١) بإسناد صحيح من طريق إسحاق بن عبد الله، عن جدّته أم سليم -رضي الله عنها- أنها آمنت برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: فجاء أبو أنس، وكان غائبًا، فقال: أصبوت؟ قالت: ما صبوت، ولكني آمنت هذا الرجل.
قالت: فجعلت تَلقِّن أنسًا تشير إليه قل: «لا إله إلا الله» قل: «أشهد أن محمدًا رسول الله» قال: ففعل. قال: فيقول لها أبوه: «لا تفسدي عليّ ابني» فتقول: «إني لا أفسده».
لقد أرادت أم سليم أن تنقذ صغيرها من الشرك، وأن تكون هي الداعية الأولى له، ولم تأبه بمصادمة أبيه، وأرادت أن تصحح فكره لما قال لها: أصبوت؟ قالت: ما صَبَوْت، ولكني آمنت بهذا الرجل.
ثم بدأت بتلقين صغيرها ما تدين به رغم معارضة زوجها لها، فلله درها من امرأة، فهل من مشمرة من النساء للاقتداء بها، بل تعجب وأنت ترى نساء المؤمنين اليوم وهن يرمين فلذات أكبادهن إلى حاضنات يأتين من بلاد الكفر على ديانة