للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا فإن ما في بطون الأنعام دائر بين الألبان أو الأجنة.

واختلف أهل العربية في المعنى الذي من أجله أُنِّثتْ الخالصة، فقال بعض نحويّي البصرة، وبعض الكوفيين: أُنِّثتْ لتحقيق الخلوص؛ لأنه لما حقق لهم الخلوص أشبه الكثرة، فجرى مجرى راوية ونسابة.

وقال بعض نحويّي الكوفة: أُنِّثتْ لتأنيث الأنعام؛ لأن ما في بطونها مثلها، فأُنِّثت لتأنيثها.

ورجحّ الطبري الأول من الأقوال؛ وأريد بذلك المبالغة في خلوص ما في بطون الأنعام التي كانوا حرموا ما في بطوها على أزواجهم فجعلوها لذكورهم دون إناثهم (١).

فانظر إلى قسمتهم الضيزى، بل ونسبتهم هذه الشرعة الجائرة إلى الله، تعالى الله عن قولهم.

ولا غرو في هذه القسمة، وذاك التفضيل، لأن قراره الأول حال ولادتها:

{أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ}، فما اتخذه من قسمة جرى فيه على قراره الأول.

[المطلب الثاني: وأد البنات]

معنى الوأد:

لقد حرم الجاهليون المرأة حقها في الحياة إنسانًا، فقتلوها بطريقة بشعة، تدل على الهمجية، وغياب الرحمة والإنسانية، وذلك بوأد البنت وهي أن تدفن حية في التراب حتى تموت (٢)، وفيه تناسب متسق بين وأد البنت والمعنى اللغوي؛ إذ أن أصل الوأد


(١) ينظر: تفسير الطبري (٨/ ٤٩)، التفسير الكبير، للرازي (١٣/ ١٧١).
(٢) انظر: النهاية (٥/ ١٤٢)، لسان العرب (٣/ ٤٤٣)، مادة (و أ د).

<<  <   >  >>