لقد ضارعت المرأة المسلمة أفذاذ الرجال للنهل من مشكاة النبوة، وزاحمت الرجال في التدريس والرواية، يدل على ذلك سجل حافل فخم من أعلام النساء، يعجز عن استقصائه العصبة أولو القوة، ولو ذهب باحث يسلسل حلقاته التي احتلت أولاها أمهات المؤمنين، ومن تتابع منهن من لدن عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا ما كفاه عمره وإن طال، وقد مضى الإلماح إلى بعضهن في المبحث السابق، وقبل أن أبدأ بسرد بعض عالمات الأمة، أومئ إلى مفخرة انفردت بها الراويات عن الرواة، إذ وقع الكذب كثيرًا في حديث رجال كثيرين ممن انتسبوا لرواية أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أما النساء فعلى الرغم م ن كثر من في الرواية فلم يقع منهن تعمد الكذب في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذه شهادة إمام الجرح والتعديل في عصره الحافظ الناقد الإمام الجهبذ شمس الدين الذهبي حيث يقول في أول قسم النساء في كتابه «ميزان الاعتدال في نقد الرجال»(١): «وما علمت في النساء من أهمت ولا من تركوها».
ولم أعثر على من صنفت من النساء الراويات بالتدليس أو الاختلاط أو التلقين، وهذه مفخرة بحق لنا معاشر النساء.
وأولى عالمات الأمة، أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: