للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهدت هي وأم بشر المريسي بمكة عند القاضي، فأراد أن يفرق بينهما ليسألهما منفردتين عما شهدتا به استفسارًا، فقالت له أم الشافعي: أيها القاضي! ليس لك ذلك؛ لأن الله تعالى يقول: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (١) فلم يفرق بينهما».

وعلق السبكي على هذا الخبر بقوله:

«قلت: وهذا فرع حسن، ومعنى قوي، واستنباط جيد، ومنزع غريب، والمعروف في مذهب ولدها -رضي الله عنه- إطلاق القول بأن الحاكم إذا ارتاب بالشهود استحب له التفريق بينهم، وكلامها -رضي الله عنها- صريح في استثناء النساء للمنزع الذي ذكرته، ولا بأس به» (٢).

ومن هنا يتضح أن للمرأة حقًا في الفتيا كما هي الحال للرجل، لكن بعد توافر شروط الفتوى فيها، يقول ابن الصلاح: «القول في شروط المفتي وصفاته وأحكامه وآدابه:

أمّا شروطه وصفاته: فهي أن يكون مكلفًا مسلمًا ثقة مأمونًا منزهًا من أسباب الفسق، ومسقطات المروءة؛ لأن من لم يكن كذلك، فقوله غير صالح للاعتماد، وإن كان من أهل الاجتهاد، ويكون فقيه النفس، سليم الذهن، رصين الفكر، صحيح التصرف والاستنباط متيقظًا» (٣).

وقال الجويني في الورقات (٤): «ومن شرط المفتي أن يكون عالمًا بالفقه أصلًا وفرًعا، خلافًا ومذهبًا، وأن يكون كامل الأدلة في الاجتهاد عارفًا بما يحتاج إليه في استنباط الأحكام وتفسير الآيات الواردة في الأحكام والأخبار


(١) البقرة: ٢٨٢.
(٢) طبقات الشافعية الكبرى (٢/ ١٧٩ - ١٨٠).
(٣) فتاوى ابن الصلاح (١/ ٢١).
(٤)

<<  <   >  >>