امرأتك. قال: فأتيت زينب ابنة أم س لمة، وكانت إذا ذكرت امرأة بفقه، ذكرت زينب. قال: فجاءت معي إليها، فقالت: أفي البيت هاروت وماروت؟ فقالت: يا زينب جعلني الله فداك، إنها قالت: كل مملوك لها حر، وهي يهودية ونصرانية. فقالت: يهودية ونصرانية!! خلي بين الرجل وامرأته. قال: فكأنها لم تقبل ذلك. قال: فأتيت حفصة، فأرسلت معي إليها. فقالت: يا أم المؤمنين جعلني الله فداك، إنها قالت: كل مملوك لها حر، وكل مال لها هدي، وهي يهودية ونصرانية. قال: فقالت حفصة: خلي بين الرجل وامرأته. فكأنها أبت، فأتيت عبد الله بن عمر فانطلق معي إليها، فلما س لم عرفت صوته. فقالت: بأبي أنت، وبآبائي أبوك. فقال: أمن حجارة أنت، أم من حديد، أم من أي شيء أنت؟ أفتك زينب، وأفتك أم المؤمنين فلم تقبلي منهما. قالت: يا أبا عبد الرحمن جعلني الله فداك، إنها قالت كل مملوك لها حر، وكل مال لها هدي، وهي يهودية ونصرانية. قال: يهودية ونصرانية!! كفري عن يمينك، وخلي بين الرجل وامرأته.
وقد قدمت بين يدي هذا الفصل ضلوع المرأة في العلم، فلا غرو أن من امتلأ علمًا أن يكون له حظ في الفتوى القائمة على الدليل، ومرّ بك (١) أيها الكريم أن ابنة أبي بكر السمرقندي فاطمة كانت الفتوى إذا أتت أباها خرجت وعليها خطها، وخط أبيها، فلما تزوجت بصاحب «البدائع» كانت تخرج وعليها خطها، وخط أبيها، وخط زوجها.
وذكر السبكي لطيفة عن والدة الإمام الشافعي تنبئ عن فهم ثاقب، وعقل راجح؛ لأنها فهمت آية من كتاب الله تعالى على نحو حاججت به قاضيًا من القضاة، وفتحت من خلاله تعليقات نفيسة للعلماء، قال رحمه الله: «وكانت أمه -رضي الله عنها- باتفاق النقلة من العابدات القانتات، ومن أذكى الخلق فطرة، وهي التي