للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: حد القذف]

كل المؤمن على المؤمن حرام دمه وماله وعرضه، فإذا اعتدي على الدم كان القصاص، وإن اعتدي على المال كان قطع اليد، وإن اعتدي على العرض كان القذف أو حد الزنى. وكل ما مضى الذكر والأنثى فيه سواء، ولا يترك الإسلام الألسنة تلقي التهم النكراء على كل برئ وبريئة، ثم يمضي آمنًا، فتصبح الجماعة وتمسي وإذا أعراضها مجرحة، وسمعتها ملوثة، وإذا كل فرد فيها متهم، أو مهدد بالاتهام. وصيانة للأعراض من التهجم، وحماية لأصحابها من الأذى النفسي، شرع الله حد القذف في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (١).

وتأمل تعبيره عن الرامين بـ «الذين» وفي جانب المرمي بصيغة المؤنث «المحصنات» من باب التغليب، فلا فرق بين الذكر والأنثى؛ لأن أكثر ما توجه هذه التهمة الشنيعة للمرأة.

يقول القرطبي: «ذكر الله تعالى في الآية النساء من حيث هن أهم، ورميهن أشنع، وأنكى للنفوس، وقذف الرجال داخل في حكم الآية بالمعنى، وإجماع الأمة على ذلك، وهذا نحو نصه على تحريم لحم الخنزير، ودخل شحمه وغضاريفه ونحو ذلك بالمعنى والإجماع، وحكى الزهري أن المعني: الأنفُسَ المحصنات. فهي بلفظها تعم الرجال والنساء» (٢).

وفي حادثة الإفك لمّا خاضت حمنة بنت جحش -رضي الله عنها- مع من


(١) النور: ٤.
(٢) الجامع لأحكام القرآن (١٢/ ١٧٢).

<<  <   >  >>