المخزومية التي سرقت، فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكلمه أسامة. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فاختطب. ثم قال: «إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» واللفظ للبخاري. زاد مسلم: قالت عائشة: فحسنت توبتها بعد، وتزوجت وكانت تأتيني بعد ذلك، فأرفع حاجتها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فانظر إلى قمة العدل حين لا يفرق بين شريف ولا وضيع، ولا ذكر أو أنثى، فإن المرأة كانت من بني مخزوم أشرف بيوت قريش، ومع ذلك لم يشفع لها نسبها إذ أخطأت بفعلها، وتأتي كلمة المساواة في إقامة العقوبات بقوله -صلى الله عليه وسلم- «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».
ولِمَّ خص ابنته بضرب المثل؟ لأنها أعز أهله عنده؛ ولم يبق من بناته حينئذ غيرها؛ فأراد المبالغة في إثبات إقامة الحد على كل مكلف، وترك المحاباة في ذلك، وقال شراح الحديث أيضًا: لأن اسم السارقة قد وافق اسمها عليها السلام، فناسب أن يضرب المثل بها (١).
ولما تابت المرأة من خطيئتها، وحسنت توبتها، صار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقضي حاجتها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والحدود كفارة لأصحابها.