للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طعنوا فيها، ولا ذكروا فيه جرحة تحطه عن الإمامة، ولا أحدثوا إمامة أخرى، ولا جددوا بيعة لغيره، هذا ما لا يقدر أحد أن يدعيه بوجه من الوجوه، فقد صح صحة ضرورية لا إشكال فيها أنهم لم يمضوا إلى البصرة لحرب علي، ولا خلافًا عليه، ولا نقضًا لبيعته. إنما فمضوا لسد الفتق الحادث من قتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ظلمًا» (١).

فخروج أم المؤمنين لم يكن حربًا ولا فسخ بيعة، وإنما كان للإصلاح بين الناس، وأيّدها في خروجها طلحة والزبير -رضوان الله عليهم- فاجتهدت رأيها، ثم ندمت عليه -رضي الله عنها- يقول شيخ الإسلام: «وظنت عائشة أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها» (٢).

إن نظام الإسلام السياسي في إعفائه الإناث عن المسؤولية العسكرية يراعي فيهن التكوين الطبيعي، والاستعداد النفسي في جانبين رئيسين:

الأول: جسمي، يراعى فيه حدود قدرات الإناث البدنية التي تبدو واضحة الأول وهلة (٣)، فلا يصل -غالبًا- للمهمة العسكرية، ومعاناتها الصحية؛ لهذا غلب على الجندية في عصورها المختلفة طابع الرجولة؛ فلا تزال حتى في هذا العصر الذي تطورت فيه الآلة الحربية تفتقر إلى القوة الجسمية، والمهارات الحركية التي تتعارض بوضوح مع الطبيعة الأنثوية، فلا تزال القطع والمعدات الحربية محتاجة في تشغيلها


(١) الفصل في الملل والنحل (٤/ ٢٣٨).
(٢) منهاج السنة النبوية (٤/ ٣١٦).
(٣) ينظر: علم النفس التطوري لسامي عريفج (١٣٨)، جوانب التعارض بين عنصر الأنوثة في المرأة والعمل السياسي لعدنان با حارث (٨٣).

<<  <   >  >>