الاستقراء الدقيق للنصوص الشرعية، التي جاءت بخصوص مباشرة التصرفات المالية، يوقف على حقيقة مفادها أنه لا يوجد فرق بين الرجل والمرأة في الأهلية المالية، وما يتبعها من تصرفات، ذلك أن الإسلام أباح لها كل ما أباح للرجل سواء بسواء، وجعل لها كالرجل حق مباشرة العقود المالية بكافة ألوانها، وجعلها صاحبة الحق المطلق على ملكها، ولم يجعل للرجل أيًّا كانت صفته أو قرابته منها أي سلطان عليها، فلها أن تتملك الأرض، والمباني، وكافة الممتلكات، والأموال، ولها أن تمارس التجارة من بيع، أو شراء، أو مساقاة، أو مزارعة، أو شركة، أو مضاربة، وسائر تصرفات الكسب الحلال، ولها توكيل غيرها فيما لا تريد مباشرته بنفسها، ولها أن تضمن غيرها، وأن يضمنها غيرها، ولها أن توصي لمن تشاء ممن هو أهل للوصية، ويصح أن تكون وصيًّا، لا فرق في ذلك بينها وبين الرجل.
وستأتي الأدلة تباعًا تؤكد أن المرأة تملك مالها ويحق لها التصرف فيه كالرجل، سواء أكانت متزوجة أم لم تكن؛ لأن الزوج ليست له ولاية على أموالها، ولأن الأنوثة بحد ذاتها لم تكن سببًا في الحجر عليها.
وستجد لسانك أثناء القراءة في ثنايا الفصول يلهج بالحمد والثناء للرب جل وعلا على أحكامة العادلة، إذ إن البشر لما حكموا ظلموا، فقد تحملت المرأة في الغرب الأغلال باعتبارها مخلوقًا ناقص الأهلية، وهذا الأمر بقي شائعًا في أوروبا وملحقاتها حتى فترة قريبة، إذ قضت دساتيرهم بأنه لا يجوز للمرأة أن تتصرف بمالها وما تملك -إذا كانت متزوجة- إلا بإذن زوجها وموافقته، ومن أخطر الوسائل