للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقلت: الآن أفعل يا رسول الله. قال: فزوجها إيّاه.

قال الحافظ: «وفي حديث معقل أن الولي إذا عضل لا يزوج السلطان إلا بعد أن يأمره بالرجوع عن العضل، فإن أجاب فذاك، وإن أصرّ زوّج عليه الحاكم» (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: « … وإذا رضيت رجلًا، وكان كفؤًا لها، وجب على وليها -كالأخ، ثم العم- أن يزوجها به، فإن عضلها أو امتنع عن تزويجها زوّجها الولي الأبعد منه، أو الحاكم بغير إذنه باتفاق العلماء، فليس للولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه، ولا يعضلها عن نكاح من ترضاه إذا كان كفؤًا باتفاق الأئمة، وإنما يجبرها ويعضلها أهل الجاهلية، والظلمة الذين يزوجون نساءهم لمن يختارونه لغرض؛ لا لمصلحة المرأة، ويكرهوها على ذلك، أو يُخْجِلوها حتى تفعل، ويعضلوها عن نكاح من يكون كفؤًا لها لعداوة أو غرض، وهذا كله من عمل الجاهلية، والظلم والعدوان، وهو مما حرمه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، واتفق المسلمون على تحريمه، وأوجب الله على أولياء النساء أن ينظروا في مصلحة المرأة لا في أهوائهم كسائر الأولياء والوكلاء ممن تصرف الغيرة، فإنه يقصد مصلحة من تصرف له، لا يقصد هواه، فإن هذا من الأمانة التي أمر الله أن تؤدي إلى أهلها فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (٢) (٣).

• وقد ذكر سماحة العلامة ابن باز -رحمه الله- صورة من صور العضل المبنية على الحمية حيث قال: «ومن المسائل المنكرة في هذا ما يتعاطاه الكثير من البادية،


(١) الفتح (٩/ ١٨٨).
(٢) النساء: (٥٨).
(٣) مجموع الفتاوى (٣٢ - ٥٢ - ٥٣).

<<  <   >  >>