للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وتأمل -رحمك الله- فيما مرّ بك (١) من عادة اليهود، ومن قلدهم من العرب في الجاهلية أنهم لا يؤاكلون الحائض ولا يساكنوها، فنهى الإسلام عن ذلك، كما حرم إتيان الحائض، وسمح بالتمتع بما دون الفرج، وقد تقدم (٢) هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مباشرة الحائض فيما دون الفرج، فكان دين الإسلام دين الوسطية وخير الأمور أوسطها، فحفظ صحة المرأة الجسمية والنفسية حين منع وطأها، وكذا حين أباح مباشرتها فيما دون الفرج.

• وأما إتيانها في دبرها: فقد قال ابن القيم -رحمه الله-: «وأما الدبر فلم يبح قط على لسان نبي من الأنبياء، ومن نسب إلى بعض السلف إباحة وطء الزوجة في دبرها فقد غلط … (ثم ساق أخبار النهي عنه) وقال: وقد دلت الآية على تحريم الوطء في دبرها من وجهين:

أحدهما: إنه إنما أباح إتياها في الحرث وهو موضع الولد لا في الحش الذي هو موضع الأذى، وموضع الحرث هو المراد من قوله: {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} الآية {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} وإتيانها في قبلها من دبرها مستفاد من الآية أيضًا لأنه قال: {أَنَّى شِئْتُمْ} أي: من أين شئتم: من أمام أو من خلف، قال ابن عباس: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} يعني الفرج، وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض، فما الظن بالحش الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض الانقطاع النسل، والذريعة القريبة جدًّا من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان.

وأيضًا فللمرأة حق على الرجل في الوطء، ووطؤها في دبرها يفوت حقها، ولا يقضي وطرها، ولا يحصل مقصودها، وأيضًا فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل، ولم


(١) ص (٢٩).
(٢) ص (١٣٦).

<<  <   >  >>