للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بطمأنينة وهدوء … ويتنفس هموم حبيبته … ويعذر الغيرى … ويعرض عن لومها وعتابها … ويضرب عن تأديبها ولو بالكلام … ويهوي بتواضعه الجمِّ إلى فلق الصحفة، وأشلاء الطعام فيجمعها من الأرض وهو يردد … ويتودد … بأرق عبارة … وأعذب بيان … وأجمل اعتذار «كلوا، غارت أمكم» وقوله -صلى الله عليه وسلم- «غارت أمكم» اعتذارًا منه -صلى الله عليه وسلم-؛ لئلا يحمل صنيعها على ما يذم، بل يجرى على عادة الضرائر من الغيرة، فإنها مركبة في النفس بحيث لا يقدر على دفعها (١).

وفي الحديث عدله -صلى الله عليه وسلم- وإنصافه حيث غرّم عائشة -رضي الله عنها- الصحفة لتعديها عليها، وعليه بوّب البخاري في صحيحه في كتاب المظالم، باب: إذا كسر قصعة أو شيئًا لغيره (٢).

٤ - وفاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

لم تكن محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحنوه على زوجاته، ووفاؤه لهن مقصورًا على حال الحياة فحسب، بل تعدت تلك المحبة والوفاء حال الحياة لتبقى بعد وفاة الزوجة، أخرج البخاري في صحيحه في مناقب الأنصار، باب: تزويج النبي -صلى الله عليه وسلم- خديجة وفضلها (٣)، ومسلم في الفضائل، باب: من فضائل خديجة أم المؤمنين -رضي الله عنها- (٤) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت

: ما غرت على أحد من نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- ما غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت


(١) ينظر: الفتح (٥/ ١٢٦).
(٢) (٢/ ٨٧٧).
(٣) (٣/ ١٣٨٩) ٣٦٠٧.
(٤) (٤/ ١٨٨٨) ٢٤٣٥.

<<  <   >  >>