للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (١) ففصل الله تعالى مراحل طاعة المرأة للرجل بعد أن قرر قِوامته عليها، وما هذا إلا دليل قاطع على أن الإسلام يعطي أهمية كبيرة جدًّا لتنظيم ممارسة هذا الحق من قبل الرجل، فيرسم له علاج نشوز الزوجة، ولا يكله إلى حق قوامته المتقرر

- والقوامة عبء على الرجل تلزمه بالسعي في الأرض، وشق الأنفاق، وتحمل المشاق في سبيل كفالة الأسرة، وتوفير الأمن والأمان لها، فهي عبء عليه، وتقييد له تلزمه أن يوفر الأمن، وكفاية الرزق لجوهرته، وهاتان النعمتان امتنَّ الله بهما على قريش فقال: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} (٢) ومن البدهي أن الإنسان العاقل، المتصف برجحان عقله، إذا كان في حوزته من المقتنيات ما هو غالي الثمن، وكان مما يُغري الآخرين بسرقته والاستيلاء عليه عُنوة، جعله في حرز مكين، وموضع أمين، بعيدًا عن متناول الأيدي الآثمة التي لا تفرق بين حلال وحرام، ومن لم يفعل ذلك عُدَّ سفيهًا، قاصرًا، ليس له حق الولاية على غيره، فكيف بولي أمر المرأة، وهي أرقى وأثمن من جميع مقتنيات الأرض، أن يتهاون في شأن المحافظة عليها بشتى الوسائل، والطرق بل ويجهد في ذلك.

- ولقد فطنت المحامية الفرنسية «كريستين» إلى هذه الحقيقة حين زارت الشرق المسلم، فكتبت تقول: «سبعة أسابيع قضيتها في زيارة كل من بيروت، ودمشق، وعمان، وبغداد، وها أنا ذا أعود إلى باريس … فماذا وجدت؟ وجدت رجلا يذهب إلى عمله في الصباح … يتعب … يشقى … يعمل … حتى إذا كان المساء عاد إلى زوجته ومعه الخبز، ومع الخبز حب، وعطف، ورعاية لها ولصغارها. الأنثى في تلك البلاد


(١) النساء: (٣٤).
(٢) قريش: (٤).

<<  <   >  >>