الأول: أن يقتنع بوجهة نظر الزوج فيطلق، وهنا لا نكون قد فعلنا شيئًا سوى الإساءة إلى العلاقة الزوجية التي كانت بينهما إساءة يبعد معها أن تعود علائق المودة والرحمة، بخلاف ما لو كان قرار الطلاق مفردًا لا تشهير فيه ولا فضيحة؛ إن سلب الأزواج سلطة الطلاق وإعطاءها للمحاكم محادة لله ورسوله، وعصيان لشريعته، كما أن أصحاب العقول السليمة يمجونها إذ لا يمكن أن تكون نتائجها سوى ما حدث في أوروبا من تشهير، وفضح للخلافات الأسرية المخجلة، والوقائع الزوجية السيئة في المحاكم علانية.
الاحتمال الثاني: ألّا يقتنع القاضي بالطلاق، فيحكم برفضه، ويأمرهما باستمرار العيش مًعا (دون إرادة الزوج على الأقل) وهنا نسأل: ما هي القوة التي يملكها القاضي أو غيره لجبر الرجل على العيش الكريم مع زوجه، ومعاشرتها بالمعروف؟ هل سيسكن معهما رجل شرطة؟ أم أن المراد هو حملها على الانفصال الجسدي المشروع في القوانين الغربية (١)؟، والذي يتخذ كل منهما فيه لنفسه رفيقًا آخر، وخدنًا؟!.
إن نظام الإسلام في الطلاق، ورسم منهجيته نظام عادل لا يباريه أي نظام، كيف وهو نظام رب العالمين:{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.
وفي كل ما تقدم لا بد أن نفرق بين جمال النظام وعدالته، وسوء استخدامه، ولا يحاكم الدين من خلال تصرفات أفراده؛ لأن هذا خلاف النهج العلمي السليم.
ولأن كل نظام في الدنيا قابل لأن يساء استعماله، وكل صاحب سلطة عرضة لأن يتجاوزها إذا كان سيء الأخلاق، ضعيف الإيمان، ومع ذلك فلا يخطر على
(١) ينظر: (الزواج قيامه وآثاره وانقضاؤه في القانون الفرنسي) ص (٢٢٤)، مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة (١٣٥ - ١٣٦).