للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاستثناء، ونوع يصح كلاهما، وهو الوصية بأن أوصى جارية إلا حملها تصح الوصية في الأم، لأن الوصية تمليك بعد الموت، وبأنه أوسع، فيصح الاستثناء، ونوع لا يصح الاستثناء، وتصح صدر الكلام، وهو الهبة، والخلع، والنكاح بأن قال: تزوجت على هذه الجارية إلا حملها يكون الكل مهرًا، وكذلك إذا خالع، واستثنى الحمل تكون بدل الخلع الأم والولد، لأن الهبة تمليك بغير عوض، فمن حيث أنه تمليك يبطل الاستثناء، ومن حيث أنه بغير عوض صح الإيجاب بطل الاستثناء؛ لأنه لا يكون تمليكًا من كل وجه.

قوله: (والصدقة كالهبة لا تصح إلا بالقبض)؛ لقوله - عليه السلام -: "ليس لك من مالك إلا ما تصدقت فأمضيت" (١)، لأنه عقد تبرع، ولا يتم بمجرد القول كالوصية من حيث أن كل واحد عقد تبرع.

قوله: (ومن نذر أن يتصدق بماله تصدق بجنس ما يجب فيه الزكاة)، ولأنه حق الله تعالى بمال، فوجب أن يعتبر بالحقوق التي أوجب الله تعالى في الأموال، وهي الزكاة، وذلك يتعلق بمال دون مال، وكذلك النذر يقع على مال الزكاة، لأن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى، فإذا نذر شيئًا ليس من جنس الواجبات التي يجب بدون النذر لا يصح النذر بأن قال: للّه تعالى عليّ أن أصبح لا يجب؛ لأنه ليس من جنسه واجب، أما إذا قال: للّه


(١) مسلم، صحيح مسلم، مصدر سابق، كتاب الزهد والرقائق، رقم الحديث: ٢٩٥٨، ج ٤، ص ٢٢٧٣. ونصه: عن مطرف، عن أبيه، قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ: ألهاكم التكاثر، قال: "يقول ابن آدم: مالي، مالي، قال: وهل لك، يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>