كل من روى عنه مالك فهو ثقة، إلا أبا أمية، وقال غير واحد: هو أثبت أصحاب نافع والزهري، وقال الشافعي: إذا جاء الحديث فمالك النجم، وقال: من أراد الحديث فهو عيال على مالك، وقال عبدالرحمن ابن مهدي: سفيان الثوري إمام في الحديث وليس بإمام في السنة، والأوزاعي إمام في السنة وليس بإمام في الحديث، ومالك إمام فيهما جميعا. ومناقبه كثيرة جدًّا، وثناء الأئمة عليه أكثر من أن يحصى.
ومن آدابه: أنه كان إذا أراد أن يُحَدِّثَ توضأ وجلس على صدر فراشه وسرح لحيته وتمكن في جلوسه بوقار وهيبة ثم حدث، فقيل له في ذلك فقال: أحب أن أعظم حديث رسول الله ﷺ، ولا أحدث به إلا متمكنًا على طهارة، وكان يكره أن يحدث على الطريق أو قائمًا أو مستعجلًا ويقول: أحب أن أتفهم ما أحدث به عن رسول الله ﷺ، وكان لا يركب في المدينة مع ضعفه وكبر سنه، ويقول: لا أركب في مدينة فيها جثة رسول الله ﷺ مدفونة، وكان أعلم الناس بالناسخ والمنسوخ، وكان موصوفًا بقوة الإدراك والفهم، معروفًا بالعلم والديانة والإصابة وتجنب الابتداع، مكين المعرفة والدراية، فقيه عصره وعالم دهره ومفسر مصره.
قال الشافعي: قال لي محمد بن الحسن: أيهما أعلم صاحبنا أم صاحبكم يعني أبا حنيفة ومالكا ﵄، قال: قلت: على الإنصاف؟ قال: نعم، قال: قلت: ناشدتك الله مَنْ أعلم بالقرآن صاحبنا أم صاحبكم قال: اللهم صاحبكم، قال: قلت: ناشدتك الله من أعلم بأقاويل أصحاب رسول الله ﷺ المتقدمين صاحبنا أم صاحبكم قال: اللهم صاحبكم، قال الشافعي: فلم يبق إلا القياس، والقياس لا يكون إلا على هذه الأشياء، فَعَلى أيِّ شيءٍ يقيس.
قال الذهبي: وقد تواترت وفاة الإمام مالك ﵀ سنة ١٧٩ هـ قال: