قوله: العجماء: البهيمة وسميت بذلك، لأنها لا تتكلم. جبار أي جنايتها هدر ليس فيها ضمان، المعدن جبار أي لا زكاة فيما يستخرج منه، الركاز الكنوز المدفونة قبل الإسلام. وقد ذهب مالك والشافعي وجمهور الأئمة إلى القول بحديث البراء، وذهب أبو حنيفة وأصحابه وجماعة من الكوفيين إلى أن هذا الحكم منسوخ، وأن البهائم إذا أفسدت زرعًا في ليل أو نهار أنه لا يلزم صاحبها شيء، وأدخل فسادها في عموم قوله ﷺ: "جرح العجماء جبار" فقاس جميع أعمالها على جرحها، ويقال: أنه ما تقدم أبا حنيفة أحد بهذا القول، ولا حجة له ولا لمن اتبعه في حديث العجماء، وكونه ناسخا لحديث البراء ومعارضًا له؛ فإن النسخ شروطه معدومة، والتعارض إنما يصح إذا لم يمكن استعماله أحدهما إلا بنفي الآخر، وحديث "العجماء جرحها جبار" عموم متفق عليه، ثم خص منه الزرع والحوائط بحديث البراء؛ لأن النبي ﷺ لو جاء عنه في حديث واحد: العجماء جرحها جبار نهارًا لا ليلًا وفي الزرع والحوائط والحرث، لم يكن هذا مستحيلًا من القول؛ فكيف يجوز أن يقال في هذا متعارض؟! وإنما هذا من باب العموم والخصوص على ما هو مذكور في الأصول. انظر: تفسير القرطبي ١١/ ٣١٥، مختصر اختلاف العلماء ٤/ ١٥٠، الحاوي ١٣/ ٤٦٦. (١) المدونة ١/ ٣٤٤، التلقين ١/ ١٣٨، تفسير القرطبي ٣/ ١٦٦، الذخيرة ٨/ ٢٣٣. (٢) المبسوط ٥/ ٤٠٩، الفتاوى الهندية ١/ ٥٦٠، المحيط البرهاني ٤/ ٢٤٥. (٣) التنبيه ١/ ٢٠٩، المهذب ٢/ ١٦٦.