قلتُ: وقد سبق الشيخ الألباني ﵀ إلى هذا التضعيف: أبو الوليد الباجي والقاضي عياض وغيرهما، إلا أن الحافظ ابن حجر تعقبه -أي القاضي عياض- بقوله كما في فتح الباري ١٠/ ٨٣: أما تضعيفه لحديث أبي هريرة بعمر بن حمزة فهو مختلف في توثيقه، ومثله يخرج له مسلم في المتابعات وقد تابعه الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة كما أشرت إليه عند أحمد وابن حبان، فالحديث بمجموع طرقه صحيح. والله أعلم. وعن أبي هريرة ﵁، عن النبي ﷺ: أنه رأى رجلًا يشرب قائمًا فقال له: "قه"، قال، لمه؟ قال: "أيسرك أن يثرب معك الهر؟ " قال: لا، قال: "فإنه قد شرب معك من هو شر منه! الشيطان". أخرجه أحمد ٢/ ٣٠١، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٥/ ١٢٥، رواه أحمد والبزار ورجال أحمد ثقات، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ١٧٥. فهذه أصح أحاديث الباب سواء من يقول بالجواز، أو من يقول بالنهي. فسلك أهل العلم في هذا مسالك؛ فمنهم من قال بأن أحاديث الجواز أثبت من أحاديث النهي، وهذا أمر في الحقيقة لا اعتراض عليه، ومنهم من قال إن أحاديث النهي منسوخة بأحاديث الجواز، وهذا أمر فيه نظر!. وذلك لعدم الإحاطة بثبوت التاريخ، وبالتالي فلا يقطعنَّ أحد بشيء من ذلك، وقد ادعى ابن حزم نسخ أحاديث الجواز بأحاديث النهي كما ذكر عنه الحافظ ابن حجر في الفتح ١٠/ ٨٤ أي على عكس ما سبق، متمسكًا بأن الجواز على وفق الأصل وأحاديث النهي مقرِّرَةٌ لحكم الشرع، فمن ادعى الجواز بعد النهي فعليه البيان، وقد رد على مثل هذه الدعوى الحافظ ابن عبد البر في كتابه الاستذكار ٨/ ٣٥٦ فقال في هذه المسألة: الأصل الإباحة حتى يرد النهي من وجه لا معارض له فإذا تعارضت الآثار سقطت، والأصل ثابت في =