قال أبو القاسم عبيد الله: كلما كان فيه من قول أبي حنيفة فهو ما سمعته من محمد بن العباس المعروف بالليل، وكلما كان فيه من قول الشافعي ﵁ فهو مما سمعته من أبي موسى العسكري المعلم، وما كان فيه من قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه فهو مما سمعته من أبي بكر العمري القاضي، وكلما كان فيه من قول الأوزاعي فهو مما أجازه لي إسحاق بن إبراهيم من كتب سعيد بن محمد البروي، وما كان فيه من قول سفيان الثوري فهو مما استخرجته من جامع سفيان الصغير الذي أجازه لي عبد الله بن إسماعيل البصري.
تم الكتاب بحمد الله وعونه وحسن توفيقه، وكان الفراغ منه في ثاني يوم الأربعاء من صفر سنة ثمان عشر وسبعمائة.
وكاتبه العبد الفقير المستجير بالرب الرحيم محمد بن إلياس بن إبراهيم خطيب عين الزيتون، غفر الله له ولوالديه ولمن قرأ فيه، ودر له
(١) لحديث عبد الله بن عمر ﵄: أن رسول الله ﷺ نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو. رواه البخاري ٢٨٢٨، ومسلم ١٨٦٩. قال ابن عبد البر في التمهيد ١٥/ ٢٥٤: وأجمع الفقهاء أن لا يسافر بالقرآن إلى أرض العدو في السرايا والعسكر الصغير المخوف عليه، واختلفوا في جواز ذلك في العسكر الكبير المأمون عليه؛ قال مالك: لا يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، ولم يفرق بين العسكر الكبير والصغير، وقال أبو حنيفة: يكره أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو إلا في العسكر العظيم فإنه لا بأس بذلك، واختلفوا من هذا الباب في تعليم الكافر القرآن، فمذهب أبي حنيفة أنه لا بأس بتعليم الحربي والذمي القرآن والفقه، وقال مالك: لا يُعَلَّمُوا القرآن ولا الكتاب.