للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعيد أيّامي عليّ بدائنا [١] ... سمنا وهنّ على الأنام عجاف

أخلاقك الغرّ السّجايا مالها ... حملت قذى الواشين وهي سلاف؟ [٢]

والإفك [٣] في مرآة رأيك ما له ... يخفى وأنت الجوهر الشفّاف؟

(كامل) ومن مليح قول القائل:

سعى إليك بني الواشي فلم ترني ... أهلا لتكذيب ما ألقى من الخبر

ولو سعى بك عندي في الذّكرى ... طيف الخيال لبعت النوم بالسّهر

(بسيط) اختلفوا في الملك القاهر العسوف، والملك المقتصد الضّعفى: ففضلوا القاهر العسوف واحتجّوا بأن القويّ العسوف يكفّ الأطماع عن رعيته، ويحميهم من غيره بقوّته. وله أنفة تعصمهم من شرّ غيره، فتكون رعيّته بمثابة من كفي شرّ جميع الناس وابتلي بشرّ واحد. وأما المقتصد الضعيف: فيهمل رعيّته فيسلّط عليهم كلّ أحد ويدوسهم كلّ حافر، فيكونون بمثابة من كفي شرّ واحد وابتلي بشرّ جميع الناس، وبين الحالين بون بعيد.

وقال بعض الحكماء. سلطان يخافه الرعية، خير من سلطان يخافها. قال أنوشروان: عندي لمن عرّض دمه سفكه، ولمن جاوز حدّه تقويمه، ولمن تعدّى طوره قمعه. قال بعض الحكماء: أمران جليلان لا يصلح أحدهما إلا بالانفراد.

فالملك متى وقع فيه الاشتراك فسد. وأما الّذي لا يصلح إلا بالاشتراك- فالرأي، متى وقع فيه الاشتراك وثق فيه بالصّواب. ولا يجوز لملك أن يصغر في نفسه أمر عدوه، وإن كان صغيرا في نفس الأمر. ولا يجوز لجلساء الملك أن يصغّروا أمر عدوّه، فإنّهم إن صغّروه حتى ظفر به العدوّ كان وهنا له، إذ قد غلبه عدوّ صغير وإن ظفر هو بالعدوّ لم يكن قد صنع طائلا. لمّا رجع رسول الله- صلى الله عليه


[١] البدائن: سمان الإبل والأنعام، والعجاف: المهزولات.
[٢] السّلاف: الخمرة.
[٣] الإفك: الكذب.

<<  <   >  >>