للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسخط إمارة علي، واتّفق معهم مروان بن الحكم- وهو ابن عمّ عثمان- وقالوا للناس: إنّ الغوغاء [١] من أهل الأمصار وعبيد أهل المدينة، اجتمعوا على هذا الرجل المسكين- يعني عثمان- فقتلوه ظلما وعدوانا، فسفكوا الدّم الحرام في البلد الحرام في الشّهر الحرام. ثمّ استمالوا أناسا وعزموا على قصد البصرة واستمالة أهلها والتقوا بها على قتال عليّ- عليه السّلام- فلمّا انتهى ذلك إلى أمير المؤمنين قام فخطب النّاس وأعلمهم الحال، وقال: إنّها فتنة وسأمسك الأمر ما استمسك بيدي. ثمّ بلغه ما هم فيه من الجموع والتّصميم على الحرب فنهد إليهم في جيش من المهاجرين والأنصار.

وقد كانت عائشة- رضي الله عنها- في توجّهها إلى البصرة اجتازت بماء يقال له: الحوأب، فنبحتها كلابه. فقالت للدليل: ما اسم هذا الموضع؟ قال:

الحوأب فصرحت بأعلى صوتها وقالت: ردّوني إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ٢: ١٥٦ سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول عند نسائه: «أيتكنّ تنبحها كلاب الحوأب؟» ثم عزمت على الرّجوع، فقالوا لها: إن الدّليل كذب ولم يعرف الموضع.

وقالوا لها: إن لم تسيري من هذا الموضع وإلا أدرككم [٢] عليّ بن أبي طالب فيه فهلكتم فسارت وسار عليّ- عليه السّلام- فالتقى الجمعان بظاهر البصرة، وجرت خطوب وحروب، ففي بعضها التقى- عليه السّلام- وطلحة والزّبير، فقال عليّ- عليه السّلام- لطلحة: يا طلحة: تطلب بدم عثمان؟ فلعن الله قتلة عثمان، يا طلحة: أجئت بعرس [٣] رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- تقاتل بها وخبّأت عرسك في البيت؟ أما بايعتني؟ قال: بايعتك والسّيف على عنقي. فقال عليّ- عليه السّلام- للزّبير: يا زبير: ما أخرجك؟ قال: أنت، ولا أراك أهلا لهذا الأمر ولا أولى به منّا. فقال عليّ- عليه السّلام-: لقد كنّا نعدّك من بني


[١] الغوغاء: سفلة السّوقة والعوّام. السّفهاء من الجمهور.
[٢] كذا في ألما ص/ ١٠٦/ وفي رحما ص/ ٦٢/، وفي طبعة بيروت ص/ ٨٦/.
[٣] العرس: الزّوجة أو الزّوج.

<<  <   >  >>