للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطّلب حتّى بلغ ابنك ابن السّوء ففرّق بيننا عبد الله بن الزّبير. وذكره على أشياء وقال له: أتذكر لمّا قال رسول الله- صلوات الله عليه وسلامه- لتقاتلنّه وأنت ظالم له؟ قال: اللَّهمّ نعم، ولو ذكرت لما سرت مسيري هذا، وو الله لا أقاتلك أبدا؟ فانصرف أمير المؤمنين- عليه السّلام- إلى أصحابه وقال: أما الزّبير: فقد أعطى الله عهدا ألا يقاتلكم ثمّ إنّ الزبير عزم على ترك الحرب فخدعه ابنه عبد الله، وما برح به حتى كفّر [١] عن يمينه وقاتل، ولما تراءى الجمعان كان عسكر عائشة وطلحة والزّبير- رضي الله عنهم- ثلاثين ألفا، وعسكر عليّ- عليه السّلام- عشرين ألفا، فقبل أن تتشب الحرب وعظهم أمير المؤمنين- عليه السّلام- وندبهم إلى الصّلح، وبذل لهم كلّ ما ليس عليه فيه غضاضة من جهة الدين. فمالوا شيئا إلى الصلح، وباتوا على ذلك ثمّ في الغداة نشب القتال بين القبيلين وجرت مناوشات وحروب، أفضت إلى نصرة جيش أمير المؤمنين- عليه السّلام-.

فأمّا الزّبير لمّا رأى النّصرة عليهم ردّ رأس فرسه ومرّ فتبعه رجل من عرب البصرة فتبعه عمير بن جرموز فقتله بوادي السباع، وأتى إلى عليّ- عليه السّلام- بسيفه فقال للحاجب: استأذن لقاتل الزّبير، فقال عليّ- عليه السّلام-:

بشّر قاتل ابن صفيّة بالنار (وصفيّة أمّ الزبير وهي عمّة أمير المؤمنين- عليه السّلام) ولمّا رأى سيفه قال: سيف طالما جلا الكروب عن وجه رسول الله صلوات الله عليه!!. وأمّا طلحة: فجاءه سهم في رجله فأعطبه، فدخل البصرة رديفا لغلامه وقد امتلأ خفّه دما، وهو يقول: اللَّهمّ خذ لعثمان مني حتى ترضى. فمات بدار خربة من دور البصرة، وقبره اليوم بالبصرة في مشهد محترم عندهم، إذا اعتصم به خائف أو طريد، لا يجسر أحد كائنا من كان على إخراجه منه. ولأهل البصرة في طلحة اعتقاد عظيم إلى يومنا، وقيل: إنّ الّذي قتل طلحة مروان بن الحكم.


[١] كفّر عن يمينه: أدّى لوجه الله ما فرض على الحانث بيمينه، كالصوم أو عتق الرقاب.

<<  <   >  >>