للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي الحديث المتقدم: (فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ، هَلْ عَلِقَ بِهَا مِنَ الدَّمِ شَيْءٌ)؛ الفُوقُ: موضع الوتر من السهم، وكأن (الْفُوقة) لغة، وقوله: (هَل عَلِقَ) أي: هل تعلق، وقوله: (فَيَتَمَارَى) أي: يشك، يعني: أن هذا الرامي تناول أول السهم إلى آخره، فلم ير فيه أثرا يدل على أنه أصاب الصيد، فلما نظر إلى الفُوقِ - وهو انتهاء نظره - وتأمله رأى أثرا غير بين، فشك في الإصابة، وهذا مَثَل، ومبالغة في خروج الخوارج من الدين، بحيث لا يكون لهم نصيب في ذلك، ولا تمسك بشيء منه، دخلوا فيه وخرجوا منه، فلم يتعلقوا بشيء منه، كما أن السهم حين نفَذ الصيد، لم يتعلق منه بشيء، أي: دخول هؤلاء في الإسلام ثم خروجهم منه ولم يعلق بهم شيء من الدين، كخروج السهم من الصيد الذي يرميه الصائد على هذه الصفة، ولم يعلق به من دم الصيد شيء، وفي رواية: (فَيَنظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً) (١) (البَصِيرَةُ) طريقة الدم، وقيل: البصيرة القطعة من الدم إذا وقعت استدارت، قال الأسعر:

رَاحُوا بَصَائِرُهُمْ عَلى أكتافهم … وَبَصِيرَتِي يَعْدُو بِهَا عَتَدٌ وَأَى (٢)

والبصيرة في غير هذا الموضع: التُّرْسُ، والبصيرة البرهان والاستبصار في الشيء، وكله من الوضوح.

وفي رواية: (آيتُهُم رَجُلٌ أَسوَدُ) أي: علامتهم، يعني: آيتهم أن فيهم رجلا أسودَ، (إِحدَى عَضُدَيهِ مِثْلُ ثَدْيِ المَرأَةِ) يريد بذلك نقصانه وصغره، (أو مِثلُ


(١) برقم: ١٠٦٥، وأخرجه أحمد برقم: ١١٠١٨.
(٢) للأسعر بن أبي حمران الجعفيّ، ينظر الأصمعيات ١٤١، التذكرة الحمدونية ٥/ ٢٤٢.

<<  <   >  >>