للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ومن باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن]

[٤٦٧] فيه حديث حذيفة (١): قال أبو عبيد (٢): الدَّخَن: لون يضرب إلى السَّواد، ولا أحسب أخذ إلا من الدخان، أي: إن القلوب لا يصفو بعضها لبعض.

روي أن حذيفة لما نزل به الموت قال: (حبِيبٌ جَاءَ عَلَى فَاقَةٍ لَا أَفْلَحَ مَنْ نَدِم، الحَمْدُ للهِ الَّذِي سَبَقَ بِي عُلُوجَ الفِتْنَةِ وقَادَتَها) (٣)؛ تقول العرب للرجل العَجَمِي: العِلْجَ، واشتقاقه من المعالجة؛ وهي مزاولة الشيء، وفلان عِلْج مالٍ؛ أي: يعمل فيه ويقوم بإصلاحه، ورجل علجٌ؛ أي: شديدٌ، والعِلْج: حمار الوحش، وفي حديث علي : (وَبَعَثَ رَجُلَينِ وَقَالَ لهَمُا إِنَّكُمَا عِلْجَان فَعَالِجَا) (٤)، العلج: الرجل العبلُ القويُّ الضَّخمُ، و (عَالِجَا)؛ أي: مارِسا العمل وزاوِلاه، وكان حذيفة يخاف الفتنة على دينه، فلما جاءه الموت لم يكره ذلك.

وفي الحديث: الحثُّ على لزوم الإجماع، واختيارُ العزلة من أهل الفساد، وفيه: الحثُّ على طاعة السلطان؛ وإن كان ظلوما؛ ما لم يفسد الدين، وفيه: أن قلوبَ رجالٍ تمسخ حتى تكون كقلوب الشياطين، وفي تفسيره الدخن: دليل أنه العدولُ عن سنته؛ والانحرافُ عن هديه وسيرته.


(١) أخرجه مسلم برقم: ١٨٤٧، وأخرجه البخاري: ٣٦٠٦.
(٢) غريب الحديث: ٢/ ٢٦٢.
(٣) رواه البغوي في معجم الصحابة: ٤١٨، وبنحوه رواه ابن أبي شيبة في المصنف: ٣٧٢٠٣، وعند البيهقي في الطبقات الكبرى ٤/ ٢٥٢، وعنده أن حذيفة قال ذلك ثم أعقبه بحديث الفتن.
(٤) رواه أحمد: ٨٤٠، وأبو داود: ٢٢٩.

<<  <   >  >>