للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المبحث الثاني منهجه في شرح الحديث]

كتاب التحرير ليس شرحا محضا بالمعنى الذي استقرت عليه الشروح بعد ذلك، وإنما هو نوعٌ مخصوصٌ من الشرح، مائل إلى شرح الغريب، والغريب - كما أسلفنا - من العلوم التي ظهرت في وقت مبكر، وكان له أعلامه ورجاله، سئل أحمد عن كلمة في حديث فقال: (اسأَلُوا أَصْحَابَ الغَرِيبِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَن أَتَكَلَّمَ فِي قَولِ رَسُولِ اللهِ بِالظَّنِّ) (١).

وهو كما عرفه ابن الصلاح: (عِبَارَةٌ عَمَّا وَقَعَ فِي مُتُونِ الأَحَادِيثِ مِنَ الأَلْفَاظِ الغَامِضَةِ البَعِيدَةِ مِنَ الفَهم، لِقلَّةِ استعمالها) (٢)، وعرفه السخاوي بنحوه فقال: (مَا يَحْفَى مَعْنَاهُ مِنَ المُتُونِ؛ لِقِلَّةِ اسْتِعْمَالِهِ وَدَورَانِهِ، بِحَيثُ يَبعُد فَهمُهُ، وَلَا يَظهَرُ إِلَّا بِالتَّنقِيرِ عَنهُ مِن كُتُبِ اللُّغَةِ) (٣).

فعِلْم الغريب إذن لا يُعنَى بشرح المتون، بل بما وقع فيها من الألفاظ الغامضة، مما يقل دورانه واستعماله، وهذا في الغالب الأعم، وإلا فالأمر نسبي في بعض الألفاظ، فقد نجد في كتب الغريب إعراضا عن بعضها لوضوحها عند المؤلف أو في زمانه ومكانه، وفي المقابل قد يعمد إلى تفسير ألفاظ يظهر له أنها


(١) مقدمة ابن الصلاح: ص ٢٧٢.
(٢) نفس المصدر.
(٣) فتح المغيث لشرح ألفية الحديث: ٤/ ٢٤.

<<  <   >  >>