للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المطلب الثالث تقريراته العقدية]

معلوم أن الحافظ إسماعيل بن محمد بن الفضل التميمي الأصبهاني، من كبار علماء أهل السنة في زمانه، ومعلوم دفاعه عن عقيدة السلف، وتقريره لها، وألف في ذلك كتابه الشهير (الحجة في بيان المحجة)، قال في مقدمته: (رَأَيتُ أَن أُملِيَ كِتَابًا فِي السُّنَّةِ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ مَن قَصَدَ الاتِّبَاعَ وَجَانَبَ الإِبْتِدَاعَ، وَأُبَيِّنَ فِيهِ اعتِقَادَ أَئِمَّةِ السَّلَفِ، وَأَهلِ السُّنَّةِ فِي الأَمصَارِ، وَالرَّاسِخِينَ فِي العِلمِ فِي الأَقْطَارِ، لِيَلزَمَ المَرءُ اتِّبَاعَ الأَئِمَّةِ المَاضِينَ، وَيُجَانِبَ طَرِيقَة المُبْتَدِعِينَ) (١).

ونعته تلميذه أبو موسى المديني بالسنة المثلى وطريقة السلف، والقول بما ورد من غير تكييف ولا تشبيه، ونقل عن الحافظ أبي زكريا ابن منده الأصبهاني قوله: (إِسْمَاعِيلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ أَبو القَاسِم حَسَنُ الاعْتِقَادِ جَمِيلُ الطَّرِيقَةِ مَقبُولُ القَولِ، قَلِيلُ الكَلَامِ لَيْسَ فِي وَقتِه مِثْلُهُ) (٢).

وكان شديد الاحتياط في باب الاعتقاد، لا يخوض فيه بالجدل والتوسع في الكلام، ومما يدل على ذلك ما نقله الذهبي: (سُئِلَ أَبُو القَاسِمِ التّيمِيُّ : هَل يَجُوزُ أَن يُقَالَ: للهِ حَدٌّ، أَو لا؟ وَهَل جَرَى هَذَا الخِلَافُ فِي السَّلَفِ؟

فَأَجَابَ: هَذِهِ مَسأَلَةٌ أَسْتَعفِي مِنَ الجَوَابِ عَنهَا؛ لِغُمُوضِهَا، وَقِلَّةِ وُقُوفِي عَلَى غَرَضِ السَّائِلِ مِنْهَا، لَكِنِّي أُشِيرُ إِلَى بَعضٍ مَا بَلَغَنِي: تَكَلَّمَ أَهْلُ الحَقَائِقِ فِي تَفْسِيرِ الحَدِّ بِعِبَارَاتٍ مُختَلِفَةٍ، مَحصُولُهَا أَنَّ حَدَّ كُلِّ شَيءٍ مَوضِعُ بَينُونَتِهِ عَن غَيْرِهِ، فَإِن


(١) الحجة في بيان المحجة: ١/ ٩٤.
(٢) طبقات الشافعيين: ص ٥٩٢.

<<  <   >  >>