للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَمِيلَ الطَّرِيقَةِ، قَلِيلَ الكَلَامِ، لَيسَ فِي وَقتِه مِثلُهُ) (١).

وما زال العلماء يحتفون بما كتبه الأئمة الكبار، ممن استجمع هذه الصفات، ويقدمونه على غيره، لا لمجرد السمعة والمكانة الرمزية، بل لما يلزم من ذلك من جليل علمهم، وحسنِ فهمهم، وسلامةِ ما بثوه ونشروه في تضاعيف تصانيفهم، فهم أبعد عن الفهم السقيم، وأرفع عن الهوى والقول على الله بغير علم.

[المطلب الثاني زمان تأليفه]

تحدث الإمام الشاطبي في الموافقات عن تحصيل العلم من مصنفات أهل العلم، وذكر لذلك شروطا منها: (أَن يَتَحَرَّى كُتُبَ المُتَقَدِّمِينَ مِن أَهلِ العِلمِ المُرَادِ؛ فَإِنَّهُم أَقعَدُ بِهِ مِن غَيْرِهِم مِنَ المُتَأَخِّرِينَ، وَأَصلُ ذَلِكَ التَّجرِبَةُ وَالخَبَرُ، أَمَّا التَّجْرِبَةُ، فَهُوَ أَمْرٌ مُشَاهَدٌ فِي أَيِّ عِلمٍ كَانَ، فَالمُتَأَخِّرُ لَا يَبْلُغُ الرُّسُوخَ فِي عِلمٍ مَا يَبْلُغُهُ المُتَقَدِّمُ، وَحَسْبُكَ مِن ذَلِكَ أَهلُ كُلِّ عِلمٍ عَمَلِيٍّ أَو نَظَرِيٍّ؛ فَأَعْمَالُ المتَقَدِّمِينَ - فِي إِصْلَاحِ دُنيَاهُم وَدِينِهِم - عَلَى خِلَافِ أَعمَالِ المُتَأَخِّرِينَ، وَعُلُومُهُم فِي التَّحقِيقِ أَقعَدُ، فَتَحَقُّقُ الصَّحَابَةِ بِعُلُومِ الشَّرِيعَةِ لَيسَ كَتَحَقُّقِ التَّابِعِينَ، وَالتَّابِعُونَ لَيسُوا كَتَابِعِيهِم، وَهَكَذَا إِلَى الآنِ) (٢).

وإن كتاب التحرير من أوائل ما ألف في شرح مسلم، بل لم يسبقه إلى ذلك إلا عبد الغافر الفارسي (٥٢٩ هـ)، الذي كان من أقرانه ومعاصريه، وتوفي قبله


(١) المصدر السابق (٢٠/ ٨٢).
(٢) الموافقات: ١/ ١٤٧.

<<  <   >  >>