للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن العلماء من جعل البيع كافلا بوجوب الصفقة، وقالوا: إن الملك ينتقل بنفس العقد؛ بدليل أن المبيع لو كان عبدا فأعتقه المشتري قبل القبض عتق، وإذا ثبت الملك جاز التصرف ما لم يكن فيه إبطال حق لغيره، قيل: ومقتضي الدراهم عن الدنانير لا يقصد به الربح، فلم يدخل تحت النهي عن ربح ما لم يضمن (١).

قال أهل اللغة (٢): أرجيت الشيء ورجَّيته: أخرته، ويُتكلم به مهموزا وغير مهموز، فقوله: (مُرْجَأٌ) أي: مؤخرا عن التسليم غير حاضر، وهو من باب السلف، وذلك أن يشتري منه طعاما إلى أجل، فيبيعه قبل أن يقبضه منه بدينارين، وهو غير جائز لأن في التقدير بيع ذهب بذهب، والطعام مؤجل غائب غير حاضر، وإنما صار ذلك بيع ذهب بذهب، لأن المسْلِف إذا باعه الطعام الذي لم يقبضه، وأخذ منه ذهبا؛ فقد تقابل الذهبان في التقدير، فكأنه إنما باعه ديناره الذي كان أسلفه الطعام؛ بدينارين وهو فاسد.

[ومن باب ما جاء في خيار المتبايعين]

[٢٩٦] فيه حديث ابن عمر : في هذه الأحاديث بيان أن التفرق بالبدن لا بالكلام، وذلك واضح في حديث الليث بن سعد إذ قال: (فَإِن خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَقَد وَجَبَ البَيْعُ، وَإِن تَفَرَّقَا بَعدَ أَن تَبَايَعَا وَلَم يَتْرُك وَاحِدٌ مِنْهُمَا البَيعَ، فَقَد وَجَبَ البَيعُ) (٣)، فهذا التفرق بعد البيع ليس التفرق نفسه، وذلك أنهما يكونان متساومين، ثم يكونان متبايعين.


(١) معالم السنن: ٣/ ١٣٦، فتح الباري: ٤/ ٣٥٢.
(٢) الغريبين: ٣/ ٧٢٤، غريب ابن قتيبة: ١/ ٢٥٣، عريب الخطابي: ٢/ ٤٥٦.
(٣) أخرجه مسلم برقم: ١٥٣١، والبخاري برقم: ٢١١٢، وفيه عند مسلم: (فإن خير أحدهما الآخر، فتبايعا على ذلك .. ).

<<  <   >  >>