للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي قوله : (انزع عَنكَ جُبَّتَكَ): دليل على أنه جائز أن ينزعه نزعا (١)، بخلاف قول من قال: لا ينبغي أن يخلعه؛ كما يخلع الحلال قميصه، لأنه إذا فعل ذلك غطى رأسه، وذلك عليه حرام؛ بل يشقه (٢)، واحتج برواية ابن لبيبة عن عبد الملك بن جابر عن جابر قال: (كنتُ عِندَ النَّبِيِّ جَالِسًا فَقَدَّ قَمِيصَهُ مِنْ جَيبِهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِن رِجلَيْهِ، وَقَالَ: إِنِّي أَمَرتُ بِبُدْنِي الَّتِي بَعَثْتُ بِهَا أَن تُقَلَّد اليَومَ وَتُشْعَر، فَلَبِسْتُ قَمِيصِي وَنَسيتُ فَلَمْ أَكُن لِأُخْرِجَ قَمِيصِي مِن رَأْسِي، وَكَانَ بَعَثَ بِبُدنِهِ وَأَقَامَ بِالمَدِينَة) (٣)، وإسناد حديث يعلى أصح وأقوى من إسناد حديث جابر (٤).

و (التَّضَمُّحُ): التلطّخ، و (الغَطِيطُ): غطيط النائم، وهو كالصوت يخرج من حلقه، وقوله: (ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ) أي: كشف وزال عنه؛ ما اعتراه من شدة الوحي، وقوله: (خَمَّرَهُ عُمَرُ بِالثَّوْبِ) أي: غطاه، أي: جعل الثوب كالظُّلة له، وقوله: (كَغَطِيطِ الْبَكْرِ) أي: كصوت الفَتِيّ من الإبل.

وفي الحديث: دليل أن المحرم منهي عن الطيب في ثيابه، كما هو منهي عنه في بدنه وفي معناها الطيب في طعامه؛ والاكتحال بالكحل الذي فيه الطيب.


(١) قال ابن عبد البر: (وممن قال ذلك مالك وأصحابه والشافعي ومن سلك سبيله وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد والثوري وسائر فقهاء الأمصار وأصحاب الآثار). التمهيد ٢/ ٢٦٤.
(٢) (وممن قال بذلك الحسن والشعبي والنخعي وأبو قلابة وسعيد بن جبير على اختلاف عنه). الاستذكار ٤/ ٣٣.
(٣) رواه أحمد في مسنده: ١٥٢٩٨، والطحاوي في معاني الآثار: ٣٦٤٠، وقال محققو المسند: (إسناده ضعيف).
(٤) ينظر: التمهيد لابن عبد البر: ٢/ ٢٦٤، إكمال المعلم: ٤/ ١٦٦.

<<  <   >  >>