للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إنما تقع بعد الحظر، وورود الخصوص على العموم لا ينكر في أصل الدين.

وسبيل الحديثين إذا اختلفا في الظاهر وأمكن التوفيق بينهما، ألا يُحملا على المنافاة، ولا يُضرب بعضها ببعض، لكن يستعمل كل واحد منهما في موضعه، وبهذا جرت قضية العلماء في كثير من الحديث: ألا ترى أنه لما نهى حكيما عن بيع ما ليس عنده (١)، ثم أباح السَّلَم، كان السلم عند جماعة الفقهاء محله مباحا، في وبيع ما ليس عند المرء محظورا في محله، وذلك أن أحدهما - وهو السَّلَم - من بيوع الصفات، والآخر من بيوع الأعيان، فإنما جاء تحريم المزابنة فيما كان من التمر موضوعا على وجه الأرض، وجاءت الرخصة في بيع العرايا فيما كان منها على رؤوس الشجر؛ في مقدار معلوم منه بكمية لا يزاد عليها وذلك من أجل ضرورة أو مصلحة، فليس أحدهما مناقضًا للآخر ولا مبطلا له) (٢).

قال أهل اللغة: الزَّبْن: الدفع، وأصله أن المتبايعين إذا وقفا فيه على الغبن فأراد المغبون أن يفسخ البيع، وأراد الغابن أن يمضيه تزابنا، أي: تدافعا واختصما، ومنه قيل: زبانية أهل النار، لأنهم يدفعون أهلها فيها (٣).

قال بعض العلماء (٤): بيع المزابنة: بيع على وجه المكايسة والتجارة، وبيع العرايا: بيع على وجه المعروف لا مكايسة فيها، قال مالك: المزابنة: بيع جزاف بكيل من صنفه من التمر؛ مما لا يجوز فيه التفاضل في الكيل (٥).


(١) عند أبي داود برقم: ٣٥٠٣، والترمذي برقم: ١٢٣٢.
(٢) معالم السنن: ٢/ ٧٩، بتصرف يسير.
(٣) غريب الحديث لابن قتيبة: ١/ ١٩٣، الغريبين: ٣/ ٨١٣.
(٤) مالك بن أنس في الموطأ: كتاب البيوع: ٥٥.
(٥) المدونة: ٣/ ١٥٩.

<<  <   >  >>