للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أن من ملك أرضًا ملك أسفلها، وأن له أن يمنع من يحفر تحتها سرَبًا (١)؛ أو بئرًا؛ أو نحو ذلك.

[٣٤٤] وحديث أبي هريرة في غرز الخشب في جدار الجار (٢): في هذا الحديث دلالة على التعاون على الخير، والتَّبَاذُل واستعمال المروءة، وأن الرجل إذا وثق بأخيه ارتفق بجداره بإذنه وغير إذنه، وهذا على وجه الندب، فإن امتنع صاحب الجدار لم يجبر على ذلك، لقوله: (إِنَّ دِمَاءَكُم وَأَمْوَالَكُم حَرَامٌ عَلَيكُم) (٣).

وقال قوم من العلماء: يلزمه ذلك شاء أو أبى (٤)، ومعنى قول الشافعي (٥): إنما أمر به لمعنى ضرورة الجار، كما روي: (لَا يُمْنَعُ فَضلُ المَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الكَلأُ) (٦): وذلك أن يكون للرجل بقعةٌ ضيِّقةٌ بين بناء رجلٍ؛ ليس لمالك البقعة إلا جدارٌ واحدٌ، ويكون جدار الجار محتملًا لخشب الجار، ولا يكون له أن يمنعه ما لا ضرر له فيه، وإن كان جداره ضعيفا يُضرُّ به خشبه ضررا بيِّنا؛ فلا يجوز له أن يغرزها في جداره، وإن كانت عرصَته التي بين ظهراني بناءٍ غير واسعة لم يكن له ذلك، ويبني لنفسه إن شاء أو يدع.


(١) النَّفَق في الأرض.
(٢) أخرجه مسلم برقم: ١٦٠٩، والبخاري برقم: ٢٤٦٣، وهو قول النبي : (لَا يَمْنَعْ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ).
(٣) رواه البخاري برقم ١٧٤١، ومسلم برقم: ١٢١٨.
(٤) أحمد، وداود، وأبو ثور، وابن حبيب من المالكية، والشافعي في القديم، وذلك إن لم تكن مضرة بيئة بالجدار، ينظر: ابن بطال: ٦/ ٥٨٦، الاستذكار: ٧/ ١٩٣، عمدة القاري: ١٣/ ١٠.
(٥) معرفة السنن والآثار: ٩/ ٣٤، وغرض المؤلف أن يبين مراد الشافعي من الإلزام بالحديث.
(٦) رواه البخاري برقم: ٢٣٥٣، ومسلم برقم: ١٥٦٦.

<<  <   >  >>