للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والخَشْخَشة من ذلك، قوله: (فِي هِرَّة)؛ أي: في سبب هرة، وفي رواية خارج الصحيح: (مِن جَرَّى هِرَّة) (١)، بالقصر، وفي رواية: (تَرُمَّ مِن خَشَاشِ الأَرضِ) (٢)؛ الرَّمّ: الأكل، ومنه مِرَمَّةُ ذوات الأظلاف، وهي بمنزلة الفم من الإنسان، وفي الحديث: (عَلَيْكُم بِأَلْبَانِ البَقَرِ فَإِنَّها تَرُمَ مِن كُلِّ الشَّجَر) (٣)؛ ويروى: (تَرْتَمُ) (٤)؛ والارتمام الأكل أيضا، وقوله: (فَتَأكُلَ مِن خَشَاشِ الأَرْضِ) (٥)؛ بنصب اللام لأنه جواب النفي بالفاء.

وقوله: (فَهَلًا نَمْلَةً وَاحِدَةً) (٦) نصب بفعل مضمر؛ أي: هلا أحرقت نملة واحدة، وفي الحديث دلالة أنه لا ينبغي للمرء أن يحتقر شيئا من ذنوبه، وإن كان عنده أنه صغير؛ فإن الله قد يأخذ بالصغير، ويعفو عن الكبير، وقال بلال بن سعد: (لَا تَنْظُر إِلَى صِغَر الخَطِيئَة، وَلَكِن انْظُر مَن عَصَيْت) (٧)؛ وفيه دليل أن كل ذي حياة يُسَبح الله تعالى ولا يؤذي؛ فلا يحل قتله ولا تعذيبه.

و (البَغيّ): الفاجرة، و (المُوقُ): أصغر من الخف، و (أَدْلَعَ لِسَانَه): أخرجه من فيه حتى تَدَلّى، وفيه دلالة أن رقة القلب محمودة، وهي علامة السعادة، وفيه أن الإحسان يُغتَنم إلى من كان، واليسير منه لا يحتقر؛ فإنه ربما كان سببا


(١) في صحيح مسلم برقم: ٢٦١٩، من رواية أبي هريرة: (من جَرَّاء هرة)، وما ذكره المؤلف لغة فيه، ينظر: إكمال المعلم: ١/ ٤٢٧.
(٢) عند أحمد برقم: ٨١٨٦، وأبي عوانة، وأبي عوانة برقم: ٩٩١٥.
(٣) أخرجه أحمد برقم: ١٨٨٣١، والطبراني في الكبير برقم: ٩١٦٣.
(٤) ذكر هذا في بعض كتب الغريب، ينظر: غريب الحديث للحربي: ١/ ٦٩.
(٥) على رواية أحمد برقم: ٧٥٣٨، وأبي عوانة برقم: ٩٩١٠.
(٦) تابع لحديث أبي هريرة برقم: ٢٢٤١.
(٧) ينظر الزهد للإمام أحمد رقم: ٢٢٦٧، والسنن الكبرى للنسائي برقم: ١١٨٥٤.

<<  <   >  >>