للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال عمرو بن قميئة (١):

رَمَتْنِي بَنَاتُ الدَّهْرِ مِنْ حَيْثُ لَا أَرَى … فَكَيْفَ بِمَنْ يُرْمَى وَلَيْسَ بِرَامِ

فَلَو أَنَّهَا أنبل (٢) إِذًا لَاتَّقَيتُهَا … ولكنَّما أُرمَى بِغَيْر سِهَامِ

عَلَى الرَّاحَتَين مرّة وعَلَى الْعَصَا … أَنُوء ثَلَاثًا بَعدَهُن قِيَامِي

فأخبر أن الدهر فَعَل ذلك، يصف الهَرَم، وقد أخبر الله تعالى بذلك عنهم في كتابه، ثم كذبهم بقولهم، فقال: ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾ [الجاثية: ٢٤]، قال الله تعالى: ﴿وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ [نفس الآية]، فقال النبي : (لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ) على تأويل: لا تسبوا الذي يفعل بكم هذه الأشياء، ويصيبكم بهذه المصائب، فإنكم إذا سببتم فاعلها؛ فإنما يقع السب على الله تعالى؛ لأنه هو الفاعل لها، لا الدهر، فهذا وجه الحديث إن شاء الله تعالى، لا أعرف له وجها غيره.

قال بعض العلماء: الدهر مرور الأيام، ولا فعل له على الحقيقة، إنما الفعل الله الذي خلق الدهر، وقد ذم الله من أثبت للدهر فعلًا، وفي الحديث دلالة أن الذي يخلق ويحيي ويميت ويفني هو الله ﷿.

* * *


= لأزمة والأمكنة: ٧٠.
(١) ينظر جمهرة أشعار العرب: ٣٩، الشعر والشعراء: ١/ ٣٦٥، وحماسة البحتري: ٣٩٧، وديوان عمرو بن قمئة: ٣٩.
(٢) في الأصل: (انبل)، والصواب: (فلو أنها نَبْلٌ).

<<  <   >  >>