للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا خلقهم، وأمَّا أخلاقهم فقد قال الله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (٤٧)} [الحجر: الآية ٤٧] فأخبر عن قلوبهم، وتلاقي وجوههم. وفي الصّحيحين (١): أخلاقهم على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم ستون ذراعًا في السَّماء. والرواية على خلق بفتح الخاء، وسكون اللام.

قال في "حادي الأرواح": والأخلاق كما تكون جمعًا للخلق بالضم فهي جمع للخلق بالفتح، والمراد [تساويهم] (٢) في الطول، والعرض، والسن وإنْ تفاوتوا في الحسنِ والجمالِ ولهذا فسره بقوله: "على صورة أبيهم آدم ستون ذراعًا في السماء".

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رَضي الله عَنْهُ: "أوّل زمرة تلج الجنَّة" الحديث. وقد تقدم وفيه: "لا اختلاَف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيّة" وكذلك وصف الحق سبحانه نساءهم بأنّهنّ أترابا. قال في "حادي الأرواح": أي في سن واحد ليس فيهن العجائز، والشواب قال: وفي هذا الطول، والعرض، والسن من الحكمة ما لا يخفى فإنَّه أبلغ وأكمل في استيفاء اللذة؛ لأنَّه أكمل من القوةِ مع عظم آلات اللذة، وباجتماع الأمرين يكون كمال


(١) رواه البخاري من حديث أبي هريرة برقم (٣٣٢٧) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: خلق آدم وذريته. ومسلم برقم (٢٨٣٤)، كتاب: الجنة ونعيمها، باب: أول زمرة تدخل الجنة.
(٢) رسمها في الأصل، نشاوهم وما أئبت من "حادي الأرواح" ص ٢١٩.