للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحلوى، والتجمر تستدعي أسبابًا تتم بها، والله سبحانه خالق السبب والمسبب، وهو رب كلّ شيء ومليكه لا إله إلَّا هو هذا كلامه. وهو تأييد لما صوبه أنه يشوي في الجنَّة بأسباب قدرها العزيز العليم، لإنضاجه، وإصلاحه كما قدر هناك أسبابا؛ لإنضاج الثمر، والطعام، وكما جعل في أجواف العالم من الحرارة ما يطبخ ذلك الطعام، ويلفظه، ويهيئه لخروجه رشحا وجشاء وكذلك ما هناك من الثمار والفواكه يخلق لها من الحرارة ما ينضجها، ويجعل سبحانه أوراق الشجر حلالا فرب الدنيا والآخرة واحد، وهو الخالق بالأسباب، والأسباب مظهر أفعاله وحكمته، ولكنها تختلف، وقد أجابَ بعضُهم عن الاستشكال بأنه يشوى بكن، وآخرون بأنه يشوى خارج الجنَّة، ثُمَّ يؤتى به إليهم.

قلت: وحديث ابن مسعود (١) حجة لِمَنْ قال يشوى بكن، وتقدم قريبًا، والحاصل أنَّ الله قادر، والقادر الذي لا يجوز عليه العجز البتة لا يسع كلّ ذي لب إلَّا التسليم لما أخبر هو به، أو نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - فإنَّ إخبار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنَّما هو إخبار منه تعالى على ألسنتهم.

وربما سبحانه جعلَ للأشياء أسبابا غير الأسباب المعهودة المألوفة فينكر ذلك من لا عنده علم، ولا عقل، ولا فهم فهذا محض الجهل والظلم إذ ليست قدرته تعالى قاصرة عن أسباب أخر ومسببات ينشأها منها كما لم تقصر (٢) قدرته في هذا العالم المشهود عن أسبابه


(١) انظر ت (٣) ص ١١١٤.
(٢) في (ب): تقتصر.