للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال تعالى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ} [الإنسان: ٢١]، فقوله: {عَالِيَهُمْ} أي بارزا، وظاهرًا يحمل ظواهرهم ليس ذلك بمنزلة الشعار الباطن بل ذلك للزينة والجمال، وقرئ "عَالِيهُم" بالرفع على الابتداء، وبالنصب على الظرفية كما صوبه في "حادي الأرواح" (١) فإن قيل عال مفرد، وثياب: جمع فكيف يخبر عن المفرد بالجمع؟ فالجواب أن عاليًا قد يراد به الكثرة كقول الشاعر:

ألا إنَّ جيران العشية رابح ... دعتهم دواع من هوى ومناح

ومنه قوله تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (٦٧)} [المؤمنون: ٦٧]. فقوله: {عَالِيَهُمْ} الرفع مبتدأ، "وثياب سندس" خبره، ومن رفع خضرا جعله صفة لثياب، وهو الأقيس ومن جره جعله صفة لسندس على إرادة الجنس، كما يقال: أهلك الناس الدينار الصفر، والدرهم البيض، ووجه الرفع أقيس وأسلم من وجوه.

أحدها: المطابقة بينهما في الجمع.

الثاني: موافقته لقوله تعالى: {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا} [الكهف: ٣١].

الثالث: منْ تخلصه وصف المفرد بالجمع.

الرابع: مجيء كلام العرب بالجمع الذي هو في لفظ الواحد فيجرونه مجرى الواحد كقوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ} [يس: ٨٠]، وقوله: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} [القمر: ٢٠]، والله أعلم.


(١) "حادي الأرواح" ص ٢٨٣.