للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّهَا لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة" فمن استوفي طيباته، والتذاذاته واذهبها في هذه الدار المضمحلة حرمها هناك (١). كما نفي سبحانه وتعالى عمَّن أذهب طيباته في الدُّنيا، واستمتع بها النعيم ثم واللذة وأذاقهم عذاب الهون في الدنيا والآخرة ككفتي الميزان ما زيد في إحداهما كان نقصًا، وبخسًا من الأخرى، ولهذا كانت الصحابة رضي الله عنهم، ومن تبعهم يخافون من ذلك أشد الخوف.

وذكر الإمام أحمد طيب الله ثراه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه رآه الإمام عمر رضي الله عنه، ومعه لحم قد اشتراه لأهلهِ فقال: ما هذا؟ قال: لحم اشتريته لأهلي بدرهم فقال: أوكلما اشتهى أحدكم شيئًا اشتراه أمَا سمعتَ الله تعالى يقول: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: ٢٠] (٢).

وأخرج الإمام أحمد قدَّس الله روحه قال: قدم وفد أهل البصرة مع أبي موسى رضي الله عنه على عمر - رضوان الله عليه - قال بعضُ الوفدِ فكنا ندخل عليه كلّ يوم وله خبز ثلاثة ربمَّا وافقناها مأدومة بالسمن، وربما وافقناها مأدومة بالزيت، وربما وافقناها مأدومة باللبن، وربما وافقنا القدائد اليابسة قد دقت ثُمَّ أغلابها، وربما وافقنا


(١) البخاري رقم (٥٤٢٦) مسلم (٢٥٦٧).
(٢) الموطأ لمالك رواية أبي مصعب (٢/ ١١١) الزهد للإمام أحمد (١٢٠) الزهد لابن المبارك (١٠٣).