للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تمشي في الأجسادِ مشي السم في اللديغ، ثُمَّ تنشق الأرض عنكم سراعًا" الحديث هذا ما ظهر لي من الجمع على ما فيه والله أعلم.

وقوله: "فيستوي جالسًا" أي عند تمام خلقه بعد نفخ الروح فيه. وقوله: "يقول: يا رب أمس اليوم" استقلالًا لمدة لبثِهِ في الأرض وكأنَّه لبثَ فيها يومًا فقال: أمس بعض يوم فقال: اليوم يحسب أنَّه حديث عهد بأهله فكأنَّه إنَّما فارقهم أمس أو اليوم وقوله: "فيقول ربك عزَّ وجلَّ: مهيم؟ أي: ما شأنك، وما أمرك، وفيم كنت؟ "

قال في "النهاية": وهي كلمة يمانية (١)، وفي قول لقيط: "كيف يجمعنا؟ إلخ" رد على زاعمي عدم تدقيق الصَّحابة، وأنَّهم لم يكونوا يخوضون في دقائق المسائل، وأنَّ أفراخ الصّابئة، والمجوس، مِنَ الجهمية، والمعتزلة، والقدرية، وذويهم أعرفُ منهم بالعلميات ولعمري لقدْ اجترأ زاعمُ ذلك على ربِّه ومنصب أصحاب المصطفى أجلُّ، وأرفع، وأحصن (٢)، وأمنع، من أن يُذكر هؤلاء الملاحدة في حيزه كيف وهم الذين فسروا الكتاب، واستنبطوا الشرائع من تلك الآيات العجاب، ولكن مَنْ لم يَجْعل الله له نورًا فما له من نور.

قال في "الهدي" (٣): وفي هذا السؤال دليل على أنه سبحانه يجمع أجزاء العبدِ بعدما فرقها، وينشئها نشأة أخرى، ويخلقه خلقًا جديدًا كما سمَّاه في كتابه، وقد مرَّ الكلام على ذلك مبسوطًا، وفي هذا السؤال أيضًا إثبات القياس في أدلة التوحيد، والمعاد والقرآن مملوء


(١) "النهاية في غريب الحديث والأثر" ٤/ ٣٧٨.
(٢) في (ب): وأخص.
(٣) (٣/ ٦٨١).