للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحجاب، ولا يلذ لهم غير الخطاب وأيضًا فالعارفون قد يلاحظون من النار أنَّها ناشئة عن صفة انتقام وغضب والأثر يدل على المؤثر فجهنم دليل على عظمته، وشدة بطشه فالخوف منها في الحقيقة خوف منه سبحانه فالخائف من النار خائف من المنتقم القهار فاجعل هذا البحث منزرعًا في صفحات قلبك، ونابتا في رياض لبك. واللَّه تعالى أعلم (١).

واعلم أن الخوف واجب على كلّ مؤمن لقوله تعالى: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٥] وهو واقع بأسباب فمنها: الخوف بسابق الذنب. ومنها: حذر التقصير في الواجبات ومنها: الخوف من السابقة أن تكون على ما يكره ومنها: خوف الإجلال والتعظيم كما قال عز وجل: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٥٠)} [النحل: ٥٠]. ومن تفكر فيما قضي عليه في السابق لم يزل منزعجًا خائفًا خوفًا لا يملك رده.

واعلم أن الخوف إذا أفرط قتل فالواجب منه ما يحمل على أداءِ الفرائض، واجتناب المحارم فإن زاد على ذلك بحيث صار باعثًا للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات، والانكفاف عن دقائق المكروهات، والتبسط في فضول المباحات كان ذلك فضلًا محمودًا فإن زاد على ذلك بأن أورث، مرضًا، أو موتًا، أو همّا لازمًا بحيث يقطع


(١) انظر "التخويف من النار" ص ٢٦.