للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن السعي في تسكب الفضائل المطلوبة، والفواضل المحبوبة لم يكن محمودًا ولهذا السلف كانوا يخافون على عطاء السلمي رحمه اللَّه من شدة خوفه الذي أنساه القرآن، وصيره صاحب فراش وهذا لأنّ خوف العقاب ليس مقصودًا لذاته وإنَّما هو سوط يساق به المتواني عن الطاعة إليها. وذكر بعض المحققين أن الخوف والرجاء كالحرارة والبرودة فمن غلب عليه أحدهما تداوى بالآخر حتى يرجع إلى حد الاعتدال.

وقال الإمام ناصر السنة الحافظ ابن الجوزي قدس الله سره في "التبصرة": المحمود من الخوف المتوسط وهو: الذي يقمع الشهوات، ويكدر اللذات، ويكف الجوارح عن المعاصي، ويلزمها الطاعة وقد ينحل البدن ويزيد به البكاء ولذلك قيل: ليس الخائف من بكى، وعصر عينيه إنَّما الخائف من ترك ما يقدر عليه انتهى.

وفائدة الخوف التقوى، والورع، والاجتهاد في الطاعات فإذا أراد أن يخرج عن حد الاعتدال أوقع في القنوط فبطلت فائدة الخوف، وصارت من البؤس والخوف ومن هنا كانت النار من جملة نعم الله على عباده الذين خافوه واتقوه ولهذا عَدَّها سبحانه من جملة الآية على الثقلين في سورة الرحمن. قال سفيان بن عيينة: خُلقت النار رحمة يُخوف اللَّه بها عباده لينتهوا. رواه أبو نعيم (١) وقال الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله: مرَّ بي في التلاوة تكرار قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا


(١) انظر "الحلية" ٧/ ٢٧٥.