للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُكَذِّبَانِ (١٣)} [الرحمن: ١٣] قال: فرأيت لذلك موقعًا عظيمًا في الآيات المتضمنة للنعم كقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢)} [الرحمن ١، ٢] إلى آخره. ولم يظهر لي ذلك في آيات التخويف نحو: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١)} [الرحمن: ٣١] {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (٣٥)} [الرحمن: ٣٥] إذ ليس فيها ذكر شيء من الآلاء فطال بي الفكر في هذا فرأيت النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في النوم فسألته عن ذلك فقال: "أما علمت أنَّ من حذر فقد بشر" انتهى.

قال الإمام المصطفى المحبي ومن خطه نقلت: "والبشارة من جملة الاَلاء" انتهى.

وقال الإمام البغوي (١) في قوله: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤)} [الرحمن: ٤٣ - ٤٤] قد انتهى حره. أي: يسعون بين الحميم وبين الجحيم. {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٣)} [الرحمن: ١٣]: فكل ما ذكر الله تعالى من قوله: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦)} [الرحمن: ٢٦] إلى هنا مواعظ، ومزاجر، وتخويف. وكل ذلك نعمة من اللَّه تعالى؛ لأنها تزجر عن المعاصي ولذلك ختم بقوله: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٣)}. انتهى.

والمقصود من التخويف، والخوف طاعة اللَّه، وفعل مراضيه، وترك مناهيه، ومكروهاته والخوف وسيلة ليس مقصودًا بالذات ولا


(١) "تفسير البغوي" ٧/ ٤٥٠، ٤٥١.