للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو في صحن الدار يقول: النار ومتى الخلاص من النَّار (١) وكان عليّ يومًا عند ابن عيينة فحدث ابن عيينة بحديث فيه ذكر النَّار وفي يد عليّ قرطاس في شيء مربوط فشهق شهقة ورمى بالقرطاس أو وقع من يده. فالتفت إليه سفيان وقال: لو علمت أنك هاهنا ما حدثت به. فما أفاق إلا بعدما شاء اللَّه.

وقال سرار أبو عبد اللَّه عاتبت عطاء السلمي في كثرة بكائه فقال: ياسرار كيف تعاتبني في شيء ليس هو إلَّا إنَّي إذا ذكرت أهل النَّار وما ينزل بهم من عذاب اللَّه عز وجل، وعقابه تمثلت لي نفسي بينهم فكيف لنفس تغل يدها إلى عنقها وتسحب إلى النار ألا تبكي، وتصيح؛ وكيف لنفس تعذب أن لا تبكي؟

وعوتب يزيد الرقاشي على كثرة بكائه وقيل: لو كانت النَّار خلقت لك ما زدت على هذا. قال: وهل خُلقت النَّار إلا لي، ولأصحابي، ولإخواننا من الجن؟! أما تقرأ: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١)} [الرحمن: ٣١] أما تقرأ: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ} [الرحمن: ٣٥] فقرأ حتى بلغ {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤)} [الرحمن: ٤٤] فجعل يطوف في الدَّار، ويصرخ، ويبكي حتى غشي عليه.

وقرئ على رابعة العدوية آية فيها ذكر النار فصرخت، ثُمَّ سقطت، فمكثت ما شاء اللَّه لم تفق.


(١) انظر "الحلية" ٨/ ٢٩٧.